عبد الحليم قنديل
محتويات
1 أعماله
2 اعتقاله من قبل السلطات الأردنية
أعماله
عبد الحليم قنديل ولد بقرية الطويلة محافظة المنصورة ترجع اصوله الي محافظة الشرقية فجده الأكبر قنديل خليل كان عمدة قرية المحمودية مركز ههيا محافظة الشرقية عام 1830 م وما زال مركز ثقل عائلته بقرية المحمودية.. تخرج عبد الحليم قنديل من كلية الطب جامعة المنصورة، وعمل بمستشفيات وزارة الصحة بالدقهلية والقاهرة ثم ترك الطب عام 1985م وعمل بالصحافة.. أنشأ مجلة "الغد العربي" وترأس تحرير صحف "العربي"، " الكرامة"، "صوت الأمة".. خاض معارك قوية ضد نظام مبارك تعرض بسببها لملاحقات أمنية وصلت لحد الاختطاف والترويع والإقالة من الجرائد التي يترأس تحريرها ومنع مقالات له من المطبعة نتيجة لضغوط أمنية.. وعلى المستوى السياسي يعد من أصلب المعارضين لنظام مبارك وأحد أهم مؤسسي حركة كفاية التي يشغل الآن منصب منسقها العام وصاحب الدعوة لإتلاف المصريين من أجل التغيير وأحد أهم مؤسسيه وصاحب صياغة بيانه التأسيسي الذي وقع عليه الكثير من الشخصيات العامة والمناضلين السياسيين والكثير من الفئات العمالية والشبابية والقيادات النقابية. رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة المصرية
رأس تحرير عدد من أهم الصحف المصرية مثل العربي الناصري والكرامة
ساهم في رفع سقف حرية التعبير في مصر عبر كتاباته السياسية الجريئة أحد الاعضاء المؤسسين في حركة كفاية.
أول من تعرض بالإنتقاد لرئيس الجمهورية حسني مبارك ونجله جمال مبارك في الصحف المصرية والعربية
تعرض للإختطاف وتجريدة من ملابسة بالكامل وألقي في الصحراء بعد الاعتداء عليه بدنيا إلى أن أنقذته إحدى دوريات الجيش المصري بالصدفة
اعتقاله من قبل السلطات الأردنية
تم اعتقال قنديل صباح يوم السبت 15 من مايو عام 2010 لدى وصوله إلى مطار الملكة علياء الدولي بالعاصمة الأردنية للمشاركة في إحدى الفعاليات التي ينظمها مجمع النقابات المهنية الأردنية إحياءََ للذكرى الـ62 لنكبة الشعب الفلسطيني. مما دعى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لاصدار بيان تحمّل فيه الحكومتين المصرية والأردنية مسؤلية سلامة وحرية قنديل.. وتم الإفراج عنه في يوم الأحد 16 من مايو عام 2010 ليسمح له بدخول الأردن دون أي تفسير لهذا الإجراء؛ اعتقالً أو إفراجَ ودون أي تعليق من الخارجية المصرية بهذا الشأن
احتجاز عبد الحليم قنديل بمطار عمّان، الجزيرة.
المنظمة تناشد السلطات الأردنية الإفراج عن الكاتب السياسي المصري عبد الحليم قنديل، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان.
الأردن تفرج عن عبد الحليم قنديل بعد احتجازه لسبع ساعات، جريدة الدستور المصرية.
استيقاف الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل في مطار عمان سبع ساعات الشبكة العربية تطالب المخابرات الأردنية بوقف ممارستها العدوانية ضد الصحفيين والنشطاء ، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان.
عبد الحليم قنديل:شاهدت بعيني الإنتهاكات الجنسية ضد صحفيات ومحاميات
كتاب:كارت أحمر للرئيس، عروض كتب، الجزيرة نت، 23 أغسطس 2009م
عبد الحليم قنديل: مفاوضات افتراضية
هل من معنى لإطلاق مفاوضات مباشرة ـ في واشنطن ـ يعلم المشاركون فيها قبل غيرهم أنها لن تصل لنتيجة أفضل من الصفر؟
لا نسأل هنا عن المعنى عند إسرائيل، ولاعند نتنياهو، فقد أراد الرجل، وحصل على ما أراد بالضبط، طلب نتنياهو وقف المفاوضات غير المباشرة برعاية جورج ميتشل، وطلب الانتقال إلى مفاوضات مباشرة مع عباس، ونظر شزرا إلى مطالب الأخير باشتراط تجميد الاستيطان في الضفة والقدس، وإلى مطالب عباس بإصدار بيان من الرباعية الدولية يتحدث عن أراضي 1967، وإلى مطالبه بالحصول على ضمانات أمريكية، وأصر نتنياهو على العكس، وألا تكون هناك أي ضمانات أو بيانات محددة، وسوى كلام باهت لا معنى له عن جولة مفاوضات تمتد لعام، وخضعت واشنطن لما أراد نتنياهو، وخضع عباس بالطبع، وحقق نتنياهو هدفه، وحول معنى المفاوضات المباشرة إلى إملاءات مباشرة، وهذه هي القاعدة التي ترسم خطوط السير فيما يلي، فلا قيمة لما يريده أي طرف، ولا معنى له، إلا أن يريد ما يريده نتنياهو، وأن تتحول المفاوضات بين عباس ونتنياهو إلى مفاوضات بين نتنياهو ونتنياهو، ومادام نتنياهو يفاوض نفسه، فقد كسب حرب الكلام قبل أن تبدأ.وربما لا نسأل هنا عن المعني في موقف واشنطن، فإدارة أوباما في خدمة نتنياهو طبعا، ودع أوباما أوهامه المبكرة عن حل للفلسطينيين يجري التوصل إليه برعايته، وانتهى إلى الموقف نفسه الذي انتهى إليه أسلافه من الرؤساء الأمريكيين، وهو إعطاء الأولوية المطلقة لما تريده إسرائيل، فالعلاقة بين أمريكا وإسرائيل حالة اندماج استراتيجي، وخيبات أمريكا المتوالية في العراق وأفغانستان زادت من أهمية إسرائيل لدى صناع السياسة الأمريكية، وما تنفقه أمريكا على إسرائيل أقل مما أنفقته في حربي العراق وأفغانستان، والقاعدة الإسرائيلية هي أهم حاملة طائرات وصواريخ أمريكية في العالم كله، فقد أنفقت أمريكا تريليون دولار في العراق، وأنفقت مثلها في أفغانستان، ودفعت من دم جنودها بعشرات الألوف، وخسرت الحربين معا، وهي لا تريد أن تخسر قاعدتها الأصلب في إسرائيل، ثم أن إسرائيل لاعب أساسي في واشنطن نفسها، وتضاغطات الفترة الأولى لإدارة أوباما، أثبتت أنه لا صوت يعلو فوق صوت إسرائيل في واشنطن، وبمزيج المصالح الكونية والداخلية للإدارة الأمريكية، انتهى الشد والجذب لتجديد قاعدة الولاء لإسرائيل، فأوباما يريد كسب عطف اللوبي اليهودي في انتخابات التجديد النصفي الوشيكة للكونجرس، ويطمح في البقاء لمدة ثانية في البيت الأبيض، ويريد تجنب الصداع
المزيد
الاعتراف مقابل الغذاء: احذروا المؤامرة
عبد الحليم قنديل
إنجازات حركة أحرار العالم قد تتعرض للنشل في سراديب ومفاوضات ما يسمى "المجتمع الدولي".
ودم شهداء الحرية قد يضيع هباء، وتعجل قطف الثمار من جذورها قد يقودنا إلى مرارات أفظع من ظاهر المأساة الإنسانية لأبناء غزة.
لاحظ أن كل رموز الشر تتحدث الآن عن تخفيف حصار غزة، وكأنهم اكتشفوا فجأة - بعد صمت أربع سنوات - حقيقة حصار غزة، فالبيت الأبيض يتحدث، والرجل الروبوت بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وتوني بلير ممثل اللجنة الرباعية، وحسني مبارك أيضاً، وقد التقى الأخير مع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي في شرم الشيخ، وصدر بيان عن مكتب بايدن - بعدها - يشير إلى حركة حماس بوصفها حركة "إرهابية"، ويتحدث عن صيغ لتخفيف الحصار على غزة.
إنها أطراف عملية السلام إياها، توحي بإحناء الرأس لعواصف وانتفاضات السفن، وتتحرك بدأب لطبخ تسوية جديدة، العنوان: تخفيف الحصار، وفي المضامين: متاهات واتفاقات وخرائط وشروط على طريقة أوسلو وأخواتها، كانت أوسلو - بخيباتها ونكباتها - طياً لصفحة الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وشيء كهذا يراد بالطبخة الجديدة، أي أن تكون حكاية تخفيف الحصار طياً لصفحة انتفاضة السفن، وإكمالاً لطوق السيطرة الإسرائيلية على معابر غزة، وبتكاليف أقل، ف"إسرائيل" تسيطر فعلياً على ستة معابر، ويراد - بالطبخة الجديدة - أن تسيطر "إسرائيل" بمعونة النظام المصري حليفها الإقليمي على معبر رفح، وأن تسيطر بمعونة الاتحاد الأوروبي - وربما أمريكا - على منفذ إضافي على بحر غزة، وأن يجري كل ذلك تحت عناوين التفتيش والمراقبة وضمان أمن "إسرائيل" ومنع تهريب الأسلحة إلى حماس.
وصفقة من هذا النوع تعني التالي، وهو أن تتحسن الأمور المعيشية جزئياً في غزة، وأن تسوء الأمور السياسية في نفس الوقت، أن تنفك التعبئة الجارية في الشارع العربي والعالمي لنصرة الشعب الفلسطيني، وأن تحجز المقاومة عن الفعل، فأي رصاصة أو صاروخ فلسطيني قد يعني عودة الحصار كاملاً، وبضغط الأطراف الإقليمية والدولية التي ت
المزيد
جمعية لتحرير الشعب المصري عبد الحليم قنديل 23/11/2009
نعم، مصر في لحظة خطر عاصف، وبأكثر مما كانت عليه في أي وقت خلال الثلاثين سنة الأخيرة، فنحن بصدد بلد عند مفارق الطرق، وفي سنتين حاسمتين سوف يتقرر فيهما مصير البلاد لزمان طويل مقبل.
بدأت السنتان بالفعل عند حاجز أيلول (سبتمبر) 2009، وعلى الطريق علامات زيف عن وضع النظام العائلي المستبد الناهب التابع، انتخابات تجديد نصفي لمجلس الشورى، وانتخابات كاملة لمجلس الشعب على منحدر شهور نهاية 2010، وانتخابات رئاسة في أيلول (سبتمبر) 2011، وضع من فضلك ألف قوس ثقيل أسود حول كلمة ‘انتخابات’، فانتخابات نظام الديكتاتور عمل عبثي وفيلم كارتون، وتحولت إلى تعيينات بالأمر الإداري بعد تعديلات الانقلاب على الدستور التي استفتى عليها صوريا في 26 آذار (مارس) 2007، بعدها انتقلنا من ‘تزوير’ الانتخابات إلى ‘تشفير’ الانتخابات.وأسوأ ما يمكن أن يجري، أن تنزلق أطراف المعارضة المصرية إلى لعبة نظام الديكتاتور، وأن تتورط في ‘انتخاباته’، وأن تشارك ـ بالقصد أو بدونه ـ في خداع الناس، وفي تزييف إرادة الشعب، وفي إضفاء مسحة جدية مفتعلة على لعبة هزلية تماما، وأن تعطي من ‘شرعية’ وجودها الانتخابي مددا لنظام غير شرعي بالجملة، أن تعطي ‘شرعية’ لعملية اغتصاب مباشر للبرلمان وللرئاسة، فلعبة النظام معروفة بالتفاصيل وخطوط السير، وهي أن ينظم انتخابات برلمانية تنتهي ـ في يوم واحد ـ إلى مذبحة تصفية شاملة للمعارضين الجديين، وأن يوزع ميراث المقاعد المغدورة بنصاب ‘الكوتة الأمنية’ على أحزاب مرخص بها أمنيا، وعلى أن يلعب هؤلاء ـ في دور لاحق ـ دور ‘الكومبارس’ في انتخابات رئاسة صورية، وأن تنتهي اللعبة ـ بإجراءاتها المزيفة ـ إلى التمديد لرئاسة مبارك الأب أو التوريث الرسمي لمبارك الابن، وقد أصدر ‘ائتلاف المصريين من أجل التغيير’، وهو إطار وطني جامع لأحزاب وحركات سياسية وشخصيات عامة، وقادة إضرابات واعتصامات اجتماعية، أصدر ‘ائتلاف التغيير’ وثيقة بالغة الأهمية عن الانتخابات البرلمانية المقبلة، ووضع فيها شروطا عشرة لضمان الحد الأدنى من جدية وسلامة وصحة الانتخابات، وكلها من قواعد الحد الأدنى المعترف بها دوليا كمعايير لنزاهة الانتخابات، وبلور الائتلاف نصا كاملا لمشروع قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية، ودعا نواب الائتلاف السبعة ـ مع نواب المعارضة الآخرين ـ لتقديم التشريع إلى البرلمان قبل نهاية العام الجاري، وأن تكون الخطوة اختبارا أخيرا لنوايا الحكم، وأن تقاطع المعارضة كل انتخابات النظام في حال رفضه لشروط الحد الأدنى، والمرجح ـ بالطبع ـ أن يرفض النظام هذه الشروط البديهية لتنظيم أي انتخابات قابلة للاعتراف بنتائجها.
ونتصور أن دعوة الائتلاف لايصح أن تتوقف عند نداء المقاطعة، بل أن ننتقل إلى تصور أكثر شمولا، نقطة البدء فيه: الخروج من ملعب النظام، فحين يكون الخصم حكما، لا تعود ثمة لعبة ولا ملعب، ولا أهداف تجد شباكها في مرمى مغلق يضيع معه الجهد المبذول، ويمضي الزمان المستحق، ويتحول وقت الحسم إلى وقت ضائع مقتطع من أعمارنا، ومن فرصة البلد فى النجاة، فماذا نفعل إذن ؟، ربما نجد أول الخيط فى نص البيان التأسيسي لائتلاف المصريين من أجل التغيير، والذي يصوغ تصورا مكتملا لمرحلة انتقالية لمدة سنتين تعقب إنهاء نظام الديكتاتور، وبطريق المقاومة المدنية والعصيان السلمي، البيان الذي صدر في 4 نيسان (أبريل) 2009 يرسم الهدف والوسيلة بإجمال، ودون التطرق لتفصيل صار لازما في خطة قابله للتطبيق من الآن، وفي مجرى الزمن العاصف الذى ينتظرنا فى عشرين شهرا تبدأ أول كانون الثاني (يناير) 2010.
واقتراحنا الذي نتقدم به باسم حركة كفاية غاية في البساطة، العنوان: جمعية عمومية للشعب المصري، ومن أربع موارد بشرية، أولها: النواب المعارضون الحاليون والسابقون، ثانيها: الشخصيات العامة والأدباء والعلماء والمفكرون وقادة الرأي العام، ثالثها: قادة أحزاب وجماعات وحركات سياسية تقبل الانضمام للمبادرة، ورابعها: قادة الإضرابات والاعتصامات الاجتماعية والنقابات المهنية والعمالية الأصلية والموازية، ومن مجموع هؤلاء تتكون جمعية الشعب المصري، وبثقل تمثيل شعبي مباشر وغير مباشر، ويعبر عن رغبة أغلبية تفوق بكثير نصف مجموع الشعب المصري، فالنواب المعارضون الحاليون والسابقون ـ وحدهم ـ يمثلون نسبة تكاد تصل إلى 40′ من المصريين، وفي دورات انتخابات أجراها النظام بنفسه، ووصل
المزيد
عن التوريث وجماعة أمريكا
لماذا أعلنت حركة ‘كفاية’ خـــروجها رسميا مما يسمى ‘الحملة المصرية ضد التوريث’؟، قد يثير الموقف تساؤلات بلا نهاية، وخصوصا لدى الذين قد تغيب عنهم تفاصيل خرائط المعارضة المصرية، وفي أعناقنا دين أن نشرح القصة كلها للرأي العام.
وقد لايتسع المقام لرواية تفاصيل بلا حصر، فقط نتوقف عند الإشارات الكبرى، فقد تلقيت ـ بصفتي المنسق العام لحركة كفاية ـ دعوة من أيمن نور المرشح الرئاسي السابق أوائل تشرين الأول (اكتوبر) 2009، كان العنوان: دعوة لإنشاء ما يسمى ‘الجبهة المعارضة للتوريث’، بدت الدعوة بعناوينها مثيرة للريب، فأيمن نور ـ لأسباب كثيرة ـ شخص ملتبس، وعلاقاته الأمريكية بالذات مثار شبهات وتكهنات، ثم أن الدعوة لجبهة جديدة بدت غريبة، فكفاية ـ في ذاتها ـ نواة ائتلاف وطني جامع ضد التمديد والتوريث معا، ثم أن كفاية بادرت بالدعوة لإنشاء ‘ائتلاف المصريين من أجل التغيير’، وهو جبهة واسعة تضم سبع حركات سياسية راديكالية مع قادة الغضب الاجتماعي ومئات الشخصيات العامة، وسبق لأيمن نور نفسه أن وقع على بيانها التأسيسي الذي أعلن في 4 نيسان (أبريل) 2009 ، وفي حوار لاحق بيننا جرى بناء على طلب وإلحاح نور، أبلغته رفض كفاية لتسمية ‘الجبهة’، وبدواع مفهومة، فنحن لانريد تفتيت الجهد الائتلافي الذي جرى، ونعطي الأولوية للبناء عليه، ثم صارحته بمخاوف من تفتيت قضية التغيير بعد تفتيت التنظيم، وحصر الموضوع كله في معارضة توريث جمال مبارك، وكأننا نتغاضى ضمنا عن التمديد لرئاسة مبارك الأب، بينما خطر التوريث في وضع العرض لمرض التمديد، وكان اقتراحنا أن يتغير المسمى إلى ‘الحملة المصرية ضد التوريث’، وأن تتضمن وثيقتها الأساسية رفضا للتمديد والتوريث معا، وأن يكون نشاطها في صورة حملة نوعية متصلة ببرامج عمل ‘ائتلاف المصريين من أجل التغيير’، ووافق نور بحماس ظاهر، وجرت الدعوة ـ من جانبه ـ لاجتماع الأطراف المستعدة للمشاركة في 14 تشرين الأول (اكتوبر) الفائت، وهنا وقعت الصدمة الأولى، فقد ذهبت الأطراف ـ وبينها ممثل لجماعة الإخوان ـ إلى اجتماع تشاوري في مقر حزب ‘الغد’، وفوجئت بنور، وقد أعد مؤتمرا صحافيا بدون مشورة أحد، وحول القصة كلها إلى حفل التقاط صور بدا فيه في صورة زعيم المعارضة، وهي صورة متلفزة تزيف الحقائق على الأرض، وبدت كطعنة مبكرة واختصار مخل يشوه القصة كلها .
وفي اجتماعات تشاورية لاحقة، بدا التوتر محمولا على أعناق الكلمات، وأصرت ‘كفاية’ على نقل الاجتماع من مقر ‘حزب الغد’ الذي يتزعمه نور، وهو ماتحقق، وتم إلغاء تعبير ‘ما يحكمش’ الذي اتخذه نور شعارا للحملة من طرف واحد، وبدواعي نقص لياقته اللفظية، فالتعبير دارج في أفلام السينما المصرية على شفاه الراقصات، وفي مواقف ‘المتمنعات وهن الراغبات’ (!)، ولا تصح مقارنته بشعار ‘كفاية’ التلقائي البليغ الناطق، واضطر نور للتراجع، وسحب الشعار الركيك، ثم تواترت دواعي الريبة في أصل القصة، فقد ثبت أن سعد الدين إبراهيم وجماعات لأقباط المهجر في أمريكا تلعب من وراء ستار، وكانت على صلة بمبادرة أيمن نور، وهنا أصرت ‘كفاية’ على قصر المشاركة في الحملة على المصريين في الداخل، وشددت على ربط العداء لنظام مبارك تمديدا وتوريثا بالعداء للمشروع الأمريكي الصهيوني وأدواته وإدارته الأمريكية، كانت دواعي الريبة تتكاثف، وكان الحرص زائدا على تضمين مبادئ كفاية في نص وثيقة ‘رسالة الحملة’، ونجحنا في الحصول على إجماع الأطراف المشاركة مع تململ ظاهر لأيمن نور، وقبل أن يجف حبر الوثيقة تكشف المخبوء الأخطر، فقد جرى الإعلان عن سفر أيمن نور لأمريكا، وعن اللقاءات التي أعدت له هناك، وانفجر الصدام صاخبا في اجتماع عقد بمقر حزب الجبهة الديمقراطية الذي يترأسه د . أسامة الغزالي حرب، وهو حزب ليبرالي أشد ضعفا من حزب أيمن نور، ولم تكن الحكاية في السفر المزمع كطقوس وإجراءات، ولا في قرار النائب العام بمنع نور من السفر، فنحن ضد منع أي مواطن من السفر خارج أحكام القضاء، وحرية التنقل من الحريات المدنية الأساسية، لكن الأهم كان في وثائق الدعوات التي حصلنا عليها، والتي كانت موضوعا لمواجهة ساخنة أخيرة، وقررت كفاية بعدها ترك الحملة نهائيا، ولاعتراضات جوهرية على مبدأ الاتصال أو الحوار مع الإدارة الأمريكية وسفارة ‘العم سام’ بالقاهرة .
في الوثائق ـ الموجودة لدينا ـ دعوات لنور من أربع جهات، أولها ‘ائتلاف المنظمات المصرية في أمريكا’، وهي جماعة لأمريكيين ذوي أصل مصري، والقوة الدافعة فيها لسعد الدين إبراهيم وكميل حليم من أقباط المهجر، وصلة إبراهيم بالإدارة الأمريكية مشهورة، فهو البوابة الكبرى لتوزيع تمويل بالملايين على جهات مصرية مقربة من أمريكا، ناهيك عن ارتباط جماعات من أقباط المهجر باللوبي الصهيوني في أمريكا، وجاءت الدعوتان الثانية والثالثة من مركز أبحاث ‘كارنيجي’ ومجلس العلاقات الخارجية، و
المزيد
نهاية عباس / عبد الحليم قنديل
ونعرف أن عباس لن يستقيل، فأمره ليس في يده، ولا يستطيع أن يستقيل بغير أمر مباشر من الأمريكيين والإسرائيليين، وهم يريدونه أن يبقى، فلا أحد من قادة الشعب الفلسطيني يملك أن يخدمهم بأكثر مما يفعل عباس، وقد سيطروا عليه تماما بلغة السياسة وبلغة المخابرات، فقوات عباس في الضفة الغربية تحت إمرة الجنرال الأمريكي دايتون، وأعوان عباس الكبار ‘جماعة إسرائيلية’ بالمعنى الحرفي، وقد فضحت الصحافة الإسرائيلية عباس، وجردته تماما من كل معنى فلسطيني، والأخطر ما جرى من إذلال علني لعباس نفسه، والتهديد بإذاعة شريط فيديو لعباس مع الجنرال باراك وزير الدفاع الإسرائيلي، وفيه يطلب عباس ـ بإلحاح ـ أن تواصل إسرائيل الحرب على غزة، وحتى إفنائها بالكامل، وإسقاط سلطة حماس، وشريط فيديو آخر لاحد رجال عباس، وهو يطلب من معاون لباراك اقتحام مخيمات غزة، وقتل جميع سكانها لأنهم انتخبوا حماس، ولم يجرؤ عباس ـ بالطبع ـ أن يتحدى الإسرائيليين، ولا أن يطالبهم بالكشف عن أشرطة الفيديو المشار إليها في صحيفة ‘معاريف’، فهو يعلم ـ على ما يبدو ـ أنها الحقيقة، وإن لم يتوقع أن يصور الإسرائيليون جريمته، والواقعة أبشع من محضر الاجتماع الذي كشف عنه فاروق القدومي قبيل مؤتمر فتح الأخير، والذي يوحي بتورط عباس في حث الإسرائيليين ـ زمن حكومة شارون ـ على ارتكاب جريمة اغتيال الرئيس عرفات بالسم البطيء .
وقد وصلت الفضيحة إلى غايتها بتنصل كل الأطراف من فعلة عباس، عمرو موسى ـ أمين الجامعة العربية ـ استنكر بشدة تورط سلطة عباس، وحتى الحكومة المصرية ـ حليفة عباس الأولى ـ تبرأت من تصرفه، وإحسان أوغلو ـ أمين منظمة المؤتمر الإسلامي ـ ألقى باللوم على سلطة عباس، والتي أضاعت فرصة سانحة لإدانة إسرائيل دوليا، والتمهيد لمحاكمة قادتها بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية رصدها تقرير القاضي غولدستون، وقد كان ذلك ممكنا بسهولة في خرائط تصويت المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، وكان ممكنا أن نضغط بقرار دولي على مجلس الأمن، وهو ما لا يمكن الحصول عليه بتطوع ليبيا بطلب عرض تقرير غولدستون على مجلس الأمن مباشرة، وحيث الفيتو ـ الأمريكي والبريطاني والفرنسي ـ جاهز لوأد أية إجراءات، وهو ما يكشف عبث المناورة التي أقدم عليها عباس، وتظاهره بالذهاب إلى مجلس الأمن سترا لفضيحته، فقد ضاعت الفرصة الذهبية بخضوع عباس للأمر الإسر
المزيد
عبد الحليم قنديل يكتب :’تشفير’الانتخابات
ربما لا يصح لأحد عاقل أن يتحدث عن انتخابات ـ بالمعنى المفهوم عالميا ـ سوف تجري في مصر، فقد انتهت قصة الانتخابات في مصر، وتحولت إلى تعيينات بالأمر الإداري المباشر، وانتقلنا من ‘ تزوير’ الانتخابات إلى ‘تشفير ‘ الانتخابات، أي أننا صرنا بصدد انتخابات مشفرة كقنوات التليفزيون المشفرة، لا يراها أحد، وربما بغير اشتراك خاص ووصلة خاصة تربط بالمقار الرئيسية لجهاز مباحث أمن الدولة.
وقد كانت الانتخابات العامة دائما صداعا مزمنا في مصر، وظلت الشكوى من ‘التزوير المنهجي’ سيدة الحال، فنحن بصدد بلد خاص جدا، بلد بدت الدولة فيه كمجرى النيل، بينما يبدو المجتمع مصنوعا على عين الدولة، وظلت السلطة من أسرار الكهنوت، ومع ثورة 1919 بدأت القصة الليبرالية على الطريقة المصرية، وجرت عشرات الدورات من الانتخابات بين عامي 1919 وإلى ثورة 1952، ولم يصعد حزب الوفد ـ صاحب الأغلبية الشعبية وقتها ـ إلى منصة الحكم سوى سبع سنوات لا غير، وثبت أن الأصل العام كان التزوير، بينما النزاهة النسبية هي الاستثناء النادر، ومع ثورة 1952 تكونت سلطة ذات أولويات مختلفة، طغت أولويات العدالة والتنمية والنهضة والتوحيد القومي العربي، بينما كانت الانتخابات ووسائلها شبحا باهتا على أطراف الصورة، وكانت ظاهرة عبد الناصر ـ بشعبيته الكاسحة غير المسبوقة ولا الملحوقة ـ فوق نتائج انتخابات واستفتاءات مشكوك في سلامة إجراءاتها، ثم عاد الكلام عن الديمقراطية والانتخابات ملحا بعد الانقلاب على اختيارات عبد الناصر عقب حرب أكتوبر 1973، وتداعت من وقتها عشرات الدورات من الانتخابات والاستفتاءات، وجرى إنفاق المليارات في المواسم الانتخابية، ودون أن نصل لنتائج تستحق الثقة بها، ولو بمثقال خردلة، وبإقبال على التصويت ظل ينحسر إلى ما يقرب من الصفر، ولم تتوافر في دورة انتخابات واحدة أبسط دواعي السلامة، وإن جاز الحديث أحيانا عن نزاهة نسبية في دوائر انتخابات هنا أو هناك، وعلى نحو ما بدا ـ مثلا ـ في انتخابات 1976، والتي فاز فيها 15 نائبا عارضوا اتفاق كامب ديفيد، ثم أطيح بهم في قرار السادات بحل مجلس الشعب، وإجراء انتخابات توافرت فيها دواعي ‘التزوير الأصولي’ الشامل الجامع المانع، وهي القصة ذاتها التي بدا أنها قبلت التكرار في انتخابات 2005، والتي فاز فيها ما يزيد عن مئة نائب معارض أغلبهم من الإخوا
المزيد
عبد الحليم قنديل يكتب : عتاب للإخوان
لا يملك أي شخص ـ له إدعاء ديمقراطي ـ إلا أن يقف مع جماعة الإخوان في مصر هذه اللحظة ضد الهجمة الأمنية الضارية، وضد حملات التشويه التي يتعرض لها قادة الإخوان من أبواق النظام المصري . والحملة الشرسة ليست جديدة على أي حال، فقد بدأت منذ أواسط التسعينيات بإحالة عدد من قيادات الإخوان لمحاكمات عسكرية، سبقتها قرارات وقوانين لإعاقة تقدم الإخوان في النقابات المهنية وعاء الطبقة الوسطى، وأعقبتها حملات اعتقال كانت تهدأ حينا وتثور أحيانا، لكنها تحولت إلى عادة مرعية منذ فوز الإخوان بخمس مقاعد البرلمان الرسمي في انتخابات 2005، وبعد أن جرى قبلها إحالة المهندس خيرت الشاطر ـ النائب الثاني لمرشد الإخوان ـ مع إخوانه لمحاكمات عسكرية، وبتهم لم تكن ترد في العادة ضمن الاتهامات النمطية للإخوان، ومن نوع غسيل الأموال، وهي التهمة السفيهة ذاتها التي تتردد الآن مع اعتقال د. عبد المنعم أبو الفتوح ـ عضو مكتب الإرشاد ـ وإخوانه .
ولا يخفى مغزى الحملات الظالمة، فالاعتقالات المتصلة ـ وبصورة شبه يومية ـ تستهدف إنهاك الجهاز التنظيمي لجماعة الإخوان، وبالتوسع في اعتقالات القيادات الوسطى، ثم الإغارات الانتقائية على عدد من القيادات العليا، ثم التخفي وراء إدعاءات غسيل الأموال للاستيلاء على كافة الشركات والنشاطات الاقتصادية المحسوبة على الإخوان، أو القريبة منهم، وبتجفيف منابع التمويل المحتملة، وهكذا تصادر حريات قادة الإخوان وتصادر أموالهم، ولمجرد كونهم إخوانا، وإعدام حرياتهم وحقوقهم المدنية، وتسهيل مهمة النظام السارق في شفط أموال الإخوان وأسرهم وأنصارهم .
ولا أحد يتوقع أن تتوقف الحملة الهمجية ضد الإخوان مع بقاء النظام الحالي، فلسنا ـ فقط ـ بصدد صدام سياسي مفهوم الدواعي، بل بصدد ‘ صدام فيزيائي ‘ إن صح التعبير، فوجود جماعة الإخوان في ذاته يضايق النظام ويستثير أعصابه، ربما لأن النظام انتهى إلى رأس معلق على خازوق أمني، وبلا قواعد اجتماعية ولا سياسية تسند، بينما الإخوان ـ على العكس ـ تتسع قاعدتهم الشعبية، وهذا التناقض الفيزيائي يجعل القاعدة الأمنية للنظام في صدام متصل مع قيادات الإخوان ذوي القواعد الشعبية، أي أنه تتم تصفية الحساب مع جماعة الإخوان أمنيا، وبقاعدة الشك الأمني، وليس بدواعي خلاف سياسي لا يبدو مطردا، وبهدف الإزاحة الفيزيائية قبل السياسية، وفي حمى الانتهاكات والاحتكاكات المتصلة، تبدو الأجهزة الأمنية وكأنها ترفع شعار ‘ لا إخواني بعد اليوم ‘ في أي مجلس تمثيلي، وأن السماح بوجود الإخوان في البرلمان كان خطأ لا يصح أن يتكرر، وقد جرى تطبيق القاعدة في كل الانتخابات الصورية التي تمت بعد تعديلات الانقلاب على الدستور في 26 آذار (مارس) 2007، والتي ألغت ضمانة الإشراف القضائي في نص المادة 88، فلم يسمح بنفاذ إخواني واحد في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي جرت في نيسان (أبريل) 2007، ولا بنفاذ إخواني واحد في انتخابات المحليات التي جرت في نيسان (أبريل) 2008 بعد تأجيلها لعامين، وفي انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وسواء جرى تبكيرها، أو تأجيلها إلى موعدها المقدور في نهايات 2010، فلن يسمح ـ غالبا ـ بوجود إخواني واحد، وبحيث تجري انتخابات الرئاسة الصورية ـ بعدها بعام ـ في غيبة أي وجود برلماني للإخوان .
ورغم وضوح هذه الصورة لقيادات الإخوان، إلا أن بعضهم ـ للأسف ـ يتصرف، وكأنه لا يرى ما يجري، وتصدر عنهم تصريحات تسيئ للإخوان شعبيا، وكأنهم ـ دون أن يدروا ـ يساندون حملة النظام لإقصاء الإخوان عن أي فعل سياسي مؤثر، فعدد من قادة الإخوان يحدثونك عن استعدادهم لخوض انتخابات البرلمان المقبلة، وبرغم توافر المعرفة بصوريتها، وتزويرها التام، وبرغم الدراية المسبقة باستهداف إقصاء الإخوان برلمانيا، والأعجب أنهم يصورون المشاركة في الانتخابات المزورة كواجب ديني، وهنا وجه للعتاب، فلا قيمة لخوض انتخابات مزورة بدعوى فضح النظام، فالنظام مفضوح بما يكفي، وهذه حقيقة معلومة للقاصي والداني في الدنيا كلها، والمشاركة في ‘ انتخابات مشفرة ‘ كهذه لا يعني سوى إضفاء الشرعية عليها، والإيهام بجديتها، وغش الناس، وتزييف وعيهم بحقيقة ما يجري، ثم أن بعض قادة الإخوان يصرون على الخطأ الأفدح، ويصورون فكرة التظاهر والمقاومة المدنية والعصيان السلمي كعمل غير أخلاقي، ولا تعدم من يقول لك ـ في تصريحات منشورة ـ أنه ليس من أخلاق الإخوان النزول إلى الشارع، ولا حتى الضغط بتحركات الشارع لإطلاق سراح معتقليهم، وكثيرا ما نسبت مثل هذه التصريحات إلى مرشد الإخوان الأستاذ مهدي عاكف، أو إلى نائبه الأول الدكتور محمد حبيب، ثم تأتي تعقيبات تزيد الأمر اضطرابا والتباسا، ومن نوع الحديث عن استعداد الإخوان للموافقة على توريث الرئاسة لجمال مبارك بشرط تحسين ظروف الانتخابات، وأظن أن هذا الكلام ـ وما يشبهه ـ مما يسيئ لصورة الإخوان سياسيا، ويستثير موجات من الغضب ـ المكتوم غالبا ـ في قواعد الإخوان وصفوف قياداتهم الوسطي، صحيح أن حملة الاعتقالات الأمنية تحجب هذه التفاعلات جزئيا، وصحيح أن مبدأ الطاعة ـ المعمول به إخوانيا ـ يحجب حق النقد المفتوح للقيادة، وكلها دواعي تسهم في تضبيب صورة الإخوان، ومع التسليم بقاعدة أن سياسة الإخوان يحددها الإخوان، فإن واجب النصح للإخوان يستدعي العتاب المرير، وقد شاركت في حوارات مع أغلب قيادات الإخوان، وعبرت عن اعتقادي بخطأ نظرة الإخوان للانتخابات وللعصيان السلمي، وأن الثمن المدفوع أمنيا في الحالين واحد، ومع فارق ظاهر، وهو أن مشاركة الإخوان في العصيان السلمي أجدى نفعا، ثم أنها أكثر أخلاقية، وأن المشاركة في عمليات انتخاب مزورة تعني انعدام الاخلاق فوق قلة العقل، وأنه لا مصلحة للإخوان في استجداء المصالحة مع النظام القائم، ناهيك عن السعي لعقد صفقة لتسهيل جريمة التوريث، فالنظام الحالي ـ في نسخة الأب أو نسخة الابن ـ لا يريد صفقة مع الإخوان، ويستخدمهم ـ فقط ـ كفزاعة لإخافة رعاته الأمريكيين والإسرائيليين، ولايريد منهم غير الطاعة وضمان التأييد الآلي بلا ثمن مقابل، ومع إطلاق يده الأمنية في دهس الإخوان واعتقالهم في أي وقت يريد، ودون رد فعل من جانب الإخوان .
وربما الأغرب، أن الإخوان يطبقون ـ بانتظام ـ قاعدة إذا ضربك النظام على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، وكأنهم يستعذبون العذاب، ويستمرئون دور الضحايا، وهو ما بدا ملفتا مع اعتقال القيادي عبد المنعم أبو الفتوح بالذات، فأبو الفتوح واحد من أصلب قيادات الإخوان، وأكثرهم انفتاحا على تيارات حركة الوطنية المصرية، وهو من الموقعين الأوائل على البيان التأسيسي لحركة كفاية، وآراؤه قاطعة في رفض التمديد للأب أو التوريث للابن، وفي الدعوة لائتلاف وطني وعصيان مدني شامل، وكلها دواعي لاضطهاده بالذات من قبل النظام، وأخشى أنها ذات الدواعي التي قد تفسر تردد بعض قادة الإخوان في نصرته، والاكتفاء بتصريحات التراخي .
مقال عبد الحليم قنديل الذى صودرت جريدة صوت الامه بسببه
والذي ننشره هنا:
بقلم: د. عبد الحليم قنديل
ليس صحيحا أن مبارك يسكت علي جرائم إسرائيل، أو أنه يقف علي الحياد، بل هو يحارب مع إسرائيل، ويأتمر بأوامرها، وينفذ ما يملي عليه بالحرف والفاصلة، وقد استقبل« ليفني» التي أعلنت الحرب من القاهرة، وبعد لقاء أسري مع الرئيس مبارك، نفس الرئيس الذي أهانته «ليفني» قبل شهور، ووجهت له اللوم والتأنيب في جلسة شهيرة للكنيست الإسرائيلي، ووصفت عمله في غلق «أنفاق غزة» بالرداءة،
وبدت ألفاظها جارحة لرجل في ضعف عمرها، لكن مبارك ابتلع الإهانة كالعادة، ودعا ليفني للقاء خرجت منه مبتسمة، بينما وزير خارجية مبارك يسندها خشية التعثر علي بلاط القصر، وبينما وقف أبوالغيط إلي جوارها كالأرنب المبلول، كانت مجرمة الحرب الإسرائيلية تطلق النفير، وتلعثم أبو الغيط الباهت المرتبك، بينما بدت شجاعته الفأرية ظاهرة في رده علي حسن نصرالله، ونطقه بألفاظ وضيعة ضد السيد الذي جعل الأمة من شيعته، رغم أن أبوالغيط يعرف- والذين عينوه في منصبه- أن ظفر إصبع قدم سيد المقاومة يساوي رأس سيده.
ومع كاتب السطور قبل أربع سنوات، بعدها كانت قوات مبارك تكرر جريمة نابليون الذي دهس بخيله حرم الجامع الأزهر، وتدنس صحن الجامع العريق، وتضرب أنبل أبناء مصر بالنعال، وتعتقل القادة من منازلهم، لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله، ولا لشيء إلا لأنهم أعلنوا براءتهم من جرائم نظام مبارك وعصابته، وهتفوا بسقوط مبارك كما هتفوا بسقوط إسرائيل.
وربما ليس لدي مبارك حيلة في أن يفعل شيئا آخر، فهو يحكم مصر بالغصب، يحكم مصر بغير أدني قدر من الشرعية، يحكم مصر بالتزوير القبيح والفاجر، يحكم مصر كقوة احتلال بمليوني عسكري من قوات الأمن الداخلي، ونظامه يسرق الثروات وينهب الأصول، وليس عنده من فرصة للتصالح مع شعبه، فثمن التصالح أكبر من أن يحتمله، ثمن التصالح أن يخرج مبارك من القصر إلي قفص الاتهام، والذي يخاصم شعبه يعانق عدوه،
وهكذا انتهي أمر مبارك ونظامه، فليس له من ملجأ إلا إلي أحضان إسرائيل، وليس له من سبيل إلا كسب محبة إسرائيل طلبا لرضا واشنطن، ليس له من سبيل إلا أن يصادق إسرائيل ويعادي من تعاديه، وأن يخوض معها حربها التي صارت حربه، وأن يدفع نصيبه في دعم المجهود الحربي لتل أبيب، وهو يفعل ما يطلب منه بالضبط، يحمي سفارة إسرائيل وسفيرها خشية من غضب المصريين، ويغلق المعبر لخنق الفلسطينيين، ويصدر الغاز والبترول لإسرائيل، ويزود الجيش الإسرائيلي بطاقة النار اللازمة لقتل الفلسطينيين،
ايام مبارك الاخيرة
عبد الحليم قنديل
31/03/2008
عقارب الساعة تدور مسرعة إلي النهاية في مصر، والعد التنازلي لنظام مبارك يمضي إلي لحظة الصفر، ولكن من دون أن يكون واضحا إلي أين يذهب البلد العظيم بمكانته في الجغرافيا والبائس بانحداره في التاريخ.
ومبارك نفسه يبدو هاربا من المأزق في الداخل، ومكثرا من زياراته للخارج، ومثيرا لأسئلة حول جدوي جولاته الأخيرة إلي بولندا ثم إلي موسكو، ذهب إلي وارسو في زيارة امتدت لأيام، ومن دون أن يفهم أحد لماذا بولندا بالذات، وهل كانت الزيارة لمجرد تلقي وسام من رئيس أجنبي بعد أن عزت عليه الأوسمة في مصر؟ثم كان الذهاب إلي موسكو عاكسا لحيرة الأيام الأخيرة، فقد التقي بوتين ـ كما قيل ـ لبحث فرص التعاون النووي السلمي، وفي الوقت الذي لم تحسم فيه القاهرة ـ وربما لن تحسم قريبا ـ فرص اللجوء النووي إلي موسكو، أو تفضيل هوامش حركة أكثر أمانا باتجاه باريس أو واشنطن، وفي الوقت الذي يبدو فيه الطموح النووي ـ حتي لو كان متأخرا ومشوشا ـ سياسة قد تليق برجل يبدأ حكمه، وليس برجل زهق منه كرسي الحكم، وعلي مدي 27 سنة بليدة مرهقة، وأثقلت كاهله سنواته الثمانون التي يتمها في 4 ايار (مايو) 2008، وقد بدا ـ في الصور ـ كمسن ذاهب تطيش يده في الهواء بحثا عن يد الرئيس الروسي المنتخب ديمتري ميدفيديف الذي يخلف بوتين في ايار (مايو) نفسه، وإلي حد بدا معه ميدفيديف مبتسما للمفارقة، فقد كان وجها لوجه مع رجل في ضعف عمره، كان وجها لوجه مع مومياء رئاسية بدت كأثر فرعوني، بينما مبارك يفتح فمه في ضحكة مومياوية، ويتعجب من تقلبات الدنيا التي تلجئه لمصافحة شاب غر يحمل هو الآخر لقب الرئيس، بينما عاصر مبارك ـ في مقام الرئاسة المصرية ـ سبعة رؤساء في موسكو من بريجنيف إلي ميدفيديف!
وفي القاهرة، بدت محنة مبارك أوضح مع وزارته السابعة برئاسة أحمد نظيف، والتي اختار نجله ـ الموعود بالوراثة ـ رئيس وزارئها، وأتي بوزرائها الاقتصاديين بالذات من مجموعته السياسية في الحزب الوطني، وانتهت إلي إفلاس تام لا تفيد معه أوهام ولا أرقام عن نمو اقتصادي غير مسبوق تحت حكم مبارك، بدا الرئيس الشائخ ضائعا بالحيرة والذهول في اجتماعاته مع وزراء الحكومة، وسأل في تعجب عن سر أزمة رغيف العيش، وطوابير الخبز التي تحولت إلي ميادين لحروب أهلية مصغرة، وإلي وظيفة مضمونة لغالبية المصريين إلي آناء الليل وأطراف النهار، وبدا الرئيس ـ المسكون بعقدة الأمن ـ خائفا من العواقب المهددة، خاصة وأن أول حظه السياسي ـ بعد أن عينه السادات نائبا له أواسط السبعينيات ـ كان انتفاضة الخبز في 18 و19 كانون الثاني (يناير) 1977، وربما لذلك بدا مبارك مصمما علي استدعاء الاحتياطي الاستراتيجي في لحظة الخطر، فقد أمر باستخدام احتياطي النقد الأجنبي الاستراتيجي (30 مليار دولار) في شراء كميات كافية من القمح، وأمر الجيش بتكليف جهاز الخدمة الوطنية باستخدام أقصي الطاقة الآلية لانتاج الخبز، بل وفوض الجيش أمر توزيع الخبز بالقاهرة وما حولها.
وبدا التصرف عاكسا لانعدام ثقة مبارك كليا في الجهاز الإداري والمدني لدولته، فقد ترهل وفسد وعجز، ونخر السوس في عظامه، وصارت الحكومة صورية، وربما يكون إبدالها بحكومة مدنية لاحقة دورانا في الطاحونة الفارغة، وهو ما دعا أنصارا لمبارك إلي طلب هامس بتشكيل حكومة عسكرية، وإن بدا مبارك كعادته مترددا، فهو لا يعرف إلي أين تمضي الأمور به مع المزيد من خطوات استدعاء الجيش، ويتعرض ـ في الوقت نفسه ـ لضغوط عائلية هائلة من نجله وزوجته المتورمة النفوذ في الجهاز الإداري للدولة، ثم ان المحنة تبدو أكبر من أن تتجاوزها فكرة العسكرة الظاهرة المباشرة للنظام.
فأصل المحنة في اقتصاد جري نهبه وتجريف قواعده الإنتاجية، وتحول إلي اقتصاد ريع يعتمد علي السياحة ورسوم قناة السويس وتحويلات العاملين المصريين في الخارج، وكلها موارد معرضة للتأثر بتغيرات البيئة الدولية والإقليمية، وقد بدت التغيرات الاقتصادية الدولية الأخيرة عاصفة في تأثيرها علي اقتصاد مبارك الهش، فقد زادت أسعار الغذاء ومنتجات الطاقة دوليا، وتتوالي الزيادات بصورة يومية، وهو ما جعل عبء فاتورة القمح عنصرا ضاغطا بشدة علي فرص بقاء النظام المصري، فقد تحولت مصر ـ مع خراب عهد مبارك ـ إلي المستورد الأول للقمح في العالم كله، وقد زاد سعر طن القمح في السنتين الأخيرتين وحدهما إلي أكثر من الضعف (من 260 دولارا إلي 540 دولاراً)، وهو ما يعني مضاعفة الدعم الموجه لرغيف الخبز، وهي تكلفة فوق طاقة الموازنة المقعدة بعجز يصل إلي ثلث إجماليها، والمثقلة ـ أصلا ـ بأقساط وفوائد ديون خارجية وداخلية تفوق في حجمها إجمالي الناتج القومي.
ولا يملك حكم مبارك أن يسدد فاتورة القمح بغير استنزاف متعجل للاحتياطي النقدي الاستراتيجي، فقد كانت مصر قبل مبارك تستورد ربع احتياجاتها السنوية من القمح فقط، ومع تخريب الزراعة في سنوات حكمه، والتغيير العابث في التركيب المحصولي، فقد أصبحت مصر تستورد أكثر من ثلثي احتياجاتها من القمح، أضف: منتجات الطاقة التي تشتعل أسعارها، وتضاعف ـ أيضا ـ فواتير دعم نقدي سنوي تقدر بخمسين مليون جنيه مصري، فرغم أن مصر بلد مصدر للبترول والغاز الطبيعي، إلا أن انحطاط الصناعة ـ ووأد تطورها ـ جعلها في قائمة المستوردين لمشتقات البترول، وراكم أعباء مالية إضافية، فوق إهدار موارد مالية باتفاقات لصوصية مجحفة في صفقات الغاز الطبيعي بالذات.
أضف: تدهور قيمة الجنيه المرتبط حصريا بالدولار الأمريكي الذي يواصل انخفاضه دوليا، والدولار الآن ـ بسعر الصرف ـ يساوي خمسة جنيهات ونصف تقريبا، وكانت قيمة الجنيه قد نزلت إلي النصف بعد أول قرار اقتصادي لجماعة جمال مبارك لتحرير سعر الصرف في كانون الثاني (يناير) 2003، وهكذا تبدو الصورة مرعبة في تداعياتها، اقتصاد مفلس غير قادر علي توفير الحد الأدني من شبكة الأمان الاجتماعي مع تفاقم مشكلات الفقر والبطالة والعنوسة والغلاء، وتآكل القيمة الحقيقية للأجور، ونزول الغالبية العظمي من المصريين إلي ما تحت خط الفقر الدولي المقدر بدولارين في اليوم للفرد الواحد.
وفوق أزمة الاقتصاد القاتلة لفرص البقاء السياسي، تبدو فضائح النهب العام مدمرة لما تبقي من سمعة النظام المدمرة أصلا، آخر تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات يتهم الحكم بالإهمال وإهدار المال العام في تسعين بالمئة من مشروعات الدولة، والأموال تنزح بمئات المليارات إلي الحسابات الخاصة في الخارج، دوائر اقتصادية مستقلة ترتفع بالرقم النازح إلي 200 مليار دولار، وفي الكتاب الأكثر سوادا الذي أعدته حركة كفاية، بلغت قيمة الأموال المنهوبة في صفقات بيع الأراضي والمنشآت ثلاثة تريليونات جنيه مصري.
وفي الدائرة الضيقة من حول بيت الرئيس تبدو المأساة أفدح، فقد أوكلت للملياردير حسين سالم ـ ضابط المخابرات السابق والمقرب من الرئيس ـ مهام التصرف الأولي في موجودات شرم الشيخ، والتي يقيم الرئيس في قصورها أغلب الوقت، كما أوكلت لحسين سالم صفقة تصدير الغاز لإسرائيل، وبأسعار مجانية تقريبا، وجري تحصين الصفقة من مجرد النقاش ـ دعك من الرقابة ـ في مجلس الشعب، وإلي حد أن الوزير مفيد شهاب رد علي نواب المعارضة والإخوان ـ أخيرا ـ بأن بيانات الصفقة سرية، ولا يصح الكلام فيها لأنها مرتبطة بمذكرة تفاهم سري، وليس باتفاقية دولية يجوز إعلانها ومراقبتها، وهو ما دفع نائبا معارضا لوصف كلام شهاب بأنه قد يصح في قهوة بلدي لا في برلمان، وعقب فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري علي النائب بعتاب، وحذف كلامه من المضبطة، ونصح النائب أن يستخدم كلمة غرزة بدلا من كلمة القهوة البلدي ، و الغرزة ـ في مصر ـ مكان سري منعزل لتعاطي المخدرات وتدبير الجرائم.
والكلام مفهوم بإيحاءات القصة كلها، فليس من حق أحد أن يتحدث عن الرئيس ولا عن أصدقائه، ولا من حق أحد أن يتحدث عن الصفقات لإسرائيل، فلها نفس المزايا السيادية المتاحة للرئيس في مصر، فشبكة الفساد موصولة بخيوطها إلي شبكة الخيانة بالغاز وبغيره، إنها علامات الساعة التي تبدو في البرلمان خالي المقاعد أغلب الوقت، وإلي حد أن هدد فتحي سرور بإغلاقه ربما لفتح غرزة بحد وصفه البليغ! فلم يعد النظام ـ علي ما يبدو ـ في احتياج إلي شكليات برلمانية انتهت بالعوار المفضوح، ويفضل اللجوء المباشر إلي قوة الأمن العاري من ادعاءات السياسة، وهو ما بدا ظاهرا حتي في انتخابات المحليات المقررة في 8 إبريل، فقد أعدت القوائم ـ 52 ألف شخص ـ في بيت الرئاسة، وجري تكليف أحمد عز ـ ملياردير الأونكل ـ بالإشراف علي الصفقة واتاواتها، وجري تكليف جهاز مباحث أمن الدولة برعاية التفاصيل، وجري منع ترشح الإخوان بالجملة، بل وجري منع أعضاء الحزب الوطني الآخرين من الترشح، وخيفة أن يكونوا إخوانا! وهو ما يعني أن الرئيس فقد الثقة حتي في إدارة حزبه، وانتهي إلي حكم منزوع السياسة، والتجأ إلي تكليف جهاز الأمن الداخلي بمعارضة المعارضة والإخوان، تماما كما لجأ إلي الجيش ـ لا القضاء الطبيعي ـ في المحاكمات العسكرية المتصلة بالإخوان.
والانكشاف الاقتصادي والسياسي لحكم مبارك، ولجوؤه المطرد إلي قوة الأمن وقوة السلاح، ودون غطاء من سياسة، ولا مقدرة علي تجديد الرضا الاجتماعي، كلها من عوارض الأيام الأخيرة، بمعني أننا بصدد ألعاب أخيرة لنظام ذاهب، أما ما يجري في الشارع فتلك قصة أخري، فثمة نظام يتراجع إلي خط الكفاف الأمني، وثمة شعب يصحو من غيبوبة، ويتقدم ـ في اطراد ـ إلي عصيان ومقاومة مدنية سلمية، وإلي انتفاضة تستعجل الساعة.
عبدالحليم قنديل:
خرجت جريدة صوت الامة اليوم الاحد ( العدد بتاريخ 15/3 ) لأنه المفروض ظهوره الاثنين وليس به مقال عبد الحليم قنديل وكلام عن اقالته من رئاسة التحرير فى صفقة مع صاحب الجريدة عصام اسماعيل فهمى ( كان محكوم عليه بسبب قضية ضرائب ) والمقال الممنوع يذكر اسم زكريا عزمى ان مشترك فى جريمة العبارة :
ربما لايصح التنكر لجهد قانوني رفيع نهض به فريق الدفاع عن الضحايا في قضية عبارة الموت التي راح ضحيتها ما يزيد علي ألف مصري ومصرية
وربما لا يجوز إغفال أن حكم مستأنف جنح سفاجا جاء أفضل من حكم أول درجة ، ووصل بحكم السجن سبع سنوات لممدوح إسماعيل إلي أقصي المتاح قانونا، وفي ظل توصيف الكارثة علي بشاعتها كمجرد «جنحة»! لكن القصة كلها ـــ رغم انتظار الثلاث سنوات. لم تعدو كونها سباقا للحصول علي «فأر ميت»، فلا الحكم يشفي غليل الصدور ، ولا هو يصلح عزاء للأمهات والأخوات والآباء المكلومين، ولا هو مكافئ -بأي معيار ـــ لحق الدم ، ورغم انه نهاية المطاف في محاولات الثأر القانوني لدم الضحايا ، وإذا كان حكم القانون بديلاً -في الأعراف المدنية المستقرة - لحكم الغابة ، فإن المفارقة الكبري أننا -رغم حكم القانون- انتهينا إلي حكم غابة حقيقي ، فالمتهم بقتل ألف مصري يظل هناك بعيداً في لندن ، ولن ينفذ فيه حكم السجن الهزيل ، وربما يهزأ في مهربه النائي من أطراف القصة كلها ، من الضحايا والمحامين والقضاة ، ويضحك في كمه من لوعة المكلومين، ومن أفراحهم اليتيمة لحظة النطق بالحكم، ومن ابتساماتهم المنتزعة من أحزان الجلد.
وربمايكون المعني الإيجابي الرمزي الوحيد للحكم أنه انتهي إلي القطع بالإدانة، وأزال حكم البراءة العبثي القبيح الذي انتهي إليه حكم أول درجة، وكأنه لاجريمة ولايحزنون، واستعاد للقضاء بعضا من حيويته وجاذبيته ودواعي الإنصاف فيه، وإن كانت القصة-فيما نظن- أكبر من القضاء، وأكبرمن تحقيقات النيابة، والتي نزلت بحد الجريمة إلي درجة وجنحة «علم ولم يبلغ»، وأكبر من كفاح باسل متصل لمحامين متطوعين- علي رأسهم المحامي ياسر فتحي- في تقديم بلاغات جديدة للنائب العام، أو السعي المتواصل في جمع وتوثيق أدلة لفتح ملف المفقودين، وهو ملف مثقل بوجع القلب، وتسيل فيه دموع أهل لم يعثروا علي جثث أبنائهم ، ولم يتيقنوا من موتهم، ويتحدثون عن شهود عيان، وعن صور متلفزة، وعن رئيس ومحافظين، وعن اتصالات تليفونية، وعن أصوات لأبنائهم تشبه زيارات الأحلام، وعن أدلة قليلة ممسوكة في اليد، وعن نزيف متصل للأرواح والأعمار، وفي دراما مفزعة فيها مرارة وهول ماجري، وغموضه، وحجم الفجيعة المتجددة فيه.
وقد رفض أهالي الضحايا- من الصعيد بالذات- تقبل العزاء في شهدائهم بعد صدور الحكم، وهم علي حق كامل، فشرائع السماء والأرض قاطعة في تقرير الحكم بما جري، وهو أن من قتل يقتل ولو بعد حين، والذين قتلوا هم أبناؤهم وأحبابهم، فيما ظل ممدوح إسماعيل وحماته في مأمن، ولو إلي حين، ظل الجناة في الحفظ والصون وبدواعي السلامة، والجناة ليسوا- فقط-ممدوح إسماعيل وصحبه الصغار في شراكة الموت المباشرة، بل إن هذا الممدوح هو أهون ما في الجريمة كلها، فالقصة ليست في جنحة تنسب إجرائيا لممدوح إسماعيل، بل في جناية تنسب موضوعيا - وبالقطع- إلي نظام، ومن مراكز القمة وصناعة القرار والثروات الحرام، فلم يكن ممدوح إسماعيل شيئا يذكر، وإلي أن قادته ضربة الحظ إلي معية صديقه زكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس، والصداقة معلنة ومؤكدة- علي أي حال- باعترافات زكريا عزمي نفسه، ومن وقتها صار إسماعيل حوت البحر الأحمر، والمالك الأعظم لسفن وعبارات نقل المصريين إلي محطات الشرق، والسيد الأقوي في هيئة موانئ البحر الأحمر، وصار من حقه أن يفعل ما يشاء، وإلي حد أن يحشر المصريين كالأنعام في سفن المواشي، وعلي طريقة ماجري في عبارة الموت، وأن يتعامل مع حادثة قتل ألف مصري، كأن بغلة عثرت في طريق، أو كأن طيرا نفق بشربة ماء مسموم، أو كأن لاشئ حدث من أصله، ثم أن يجد سندا من التشكيل العصابي الحاكم، فالعصابة التي صنعته، هي ذاتها التي تكفلت بحمايته وقت الخطر، وتأخرت بمواعيد رفع الحصانة عنه، وبمواعيد إجراء التحقيقات،وتقدمت بمواعيد تهريبه،وإلي حيث أمواله في لندن، وفي سياق تواطؤ ورعاية ظاهرة من السلطات كلها، ثم جري العبث بمشاعر الناس، والتلاعب في تكييف الجريمة، وتحويلها من جناية إلي جنحة، ونظرها هناك بعيدا في الغردقة، وتحصين ممدوح إسماعيل من العقاب حتي إن صدر حكمه، وكل ذلك في مقام الجريمة الأصلية، وهي الأكبر من الجريمة المباشرة المنسوبة- بعد التحوير- لشخص إسماعيل، فقد كان القصد- ولايزال- أن يختفي ممدوح إسماعيل، وربما أن يصمت، وأن تعدم الأدلة في جريمة الذين صنعوا ممدوح إسماعيل، والذين أعطوه فرصة التضخم بالمال، ثم فرصة التلميع بالسياسة، وإلي حد أن أصبح ممدوح إسماعيل قريبا من قلب وعين العائلة، وصدر له قرار الرئيس بتعيينه نائبا بمجلس الشوري، وصدر له قرار الرئيس بتعيينه أمينا للحزب الحاكم في منطقة مصر الجديدة، والتي تسكن بها عائلة الرئيس شخصيا، والمغزي: أن إسماعيل صار علي درجة قربي حميمة من العائلة، وفي موضع الحماية الوثقي، وفي دائرة الصمت عند اللزوم، وقد التزم ممدوح إسماعيل بالعقد الضمني إلي الآن، فهو يعرف مقامه بالضبط، ويعرف أن القصد ليس حمايته كشخص، بل حمايته كوعاء استثمار وملف أسرار، وهو مايصدق فيه وفي غيره، وإن جرت المقادير بغيره إلي العكس أحيانا، وبدواعي ضغط أكبر من طاقة الحماية، وعلي نحو ما جري في قضية قتل اللبنانية سوزان تميم، والتي تنظر- مع حظر النشر- في محكمة الجنايات، فقتل لبنانية واحدة- مع دواعي الضغط الخليجي- ينتهي إلي محكمة جنايات، بينما قتل ألف مصري ويزيد ينتهي إلي مجرد «جنحة» (!)
وقد قدر لي أن أحضر واحدة من جلسات المحاكمة الثانية لممدوح إسماعيل، وضمن وفد من «كفاية» حرص علي التضامن الجدي مع أهالي الضحايا، وبدا كطرف أصيل ممثل للرأي العام في القصة كلها، وفي الجلسة- وهي الأخيرة قبل النطق بالحكم- فجر المحامي محمد الدماطي المفاجأة المسكوت عنها، وطالب باستدعاء رئيس الجمهورية نفسه، والمناسبة: لغز التخلف في إنقاذ الضحايا، وهو أخطر ما في القصة كلها، وعنصر الربط بين مسئولية إسماعيل ومسئولية النظام برأسه، فقد وصلت إشارة الاستغاثة- عبر سفارة أوروبية- إلي السلطات المعنية مبكرا، لكن جهود الإنقاذ تأخرت لساعات طويلة، وإلي الصباح التالي، ولسبب مذهل، فقد كان الرأس نائما، ولايجرؤ أحد علي إيقاظه، أو علي المبادرة بالتحرك دون أوامره.
ويبقي أن القضية كلها تستحق إعادة التحقيق، ومن أول سطر، وبمعرفة لجنة تقصي حقائق من شخصيات عامة مستقلة بالكامل، وتوضع أمامها الملفات كلها، وبغير ذرائع حجب لامحل لها من الإعراب، فحق الدم يبقي معلقا، وطائر الثأر يبقي محلقا، وإلي أن يصدر له قرار محكمة التاريخ لاحكم محكمة الجنح!
إشارات
• نهنئ الدكتور محمود أبوزيد بإقالته من وزارة الري، فالأسباب كلها تشرفه.
• ونهنئ السيدة سوزان مبارك بقرار تعيين «سفيرتها» مشيرة خطاب وزيرة للأسرة والسكان(!).
• طرح مبادرات إصلاح فات أوانه، ولم يعد من خيار يصلح غير الانحياز للتغيير وبوسائل العصيان السلمي، أو البقاء- محلك سر- في حظيرة التواطؤ مع النظام.. ولو من الأبواب الخلفية.
• التغيير في مصر لن يحدث من مكتب أوباما، بل بائتلاف تغيير سياسي واجتماعي قادر علي كسب الحرية.. ولو بتضحيات الدم.
أشعر بالعار لأنك الرئيس - بقلم: د. عبد الحليم قنديل
أشعر بالعار لان مبارك رئيس لمصر وهو لا يعرف قيمتها ولا أقدارها ولا جغرافيتها ولا تاريخها ولا ما ملكت ولا ما أعطت وحول بلدا هائل الوزن بحجم مصر الي عزبة بالحجم العائلي أشعر بالعار لان مبارك رئيس لمصر وهو الذي لا يملك من الرئاسة مؤهلاتها فلا فوائض عقل ولا زاد من بصيرة ولا حسن بالسياسة ولا شرعية حتي بالخطأ أو بالباطل فلا هو ديكتاتور ذو رؤية ولا هو منتخب ديموقراطيا بل هي الصلافة المحض وتناحة الروح وجلافة اللغة والتصريحات المفرطة في الغياب الذاهل علي طريقة البتاع ده أشعر بالعار لان مبارك رئيس لمصر وهو لا يخلص لدم ولا يستذكر نسبا لأمة ويتصرف كموظف أرشيف أو كأمين مخزن زاغت مفاتيحه جاءت به الصدفة إلي رأس بلد كان تاج الرأس وانتهي به الي بلد بالصدفة انتهي بنا الي مقلب نفايات وبواقي فساتين وبقايا صور وأكواب مهشمة وتراب يثقل القلب وجعلنا نشعر بالخجل من اسم مصر فقد حول علونا خفضا ونزل بنا من حالق الي الفالق فلا مكانة ولا دور ولا كرامة من أصله ولا فرصة للمقارنة إلا مع دول من نوع جيبوتي و الصومال و بوركينا فاسو ففقرنا من مهانتهم نكاد لا يرانا أحد كما لا يراهم أحد وقد يكون لهم عذرهم ولنا العذر بالرئيس الذي هو انكي من العذر بالجهل أشعر بالعار لان مبارك رئيس لمصر وهو الشخص الذي كانت غاية أحلامه منصب سفير في بلد الإكسلانسات أو رئيس لشركة طيران وانتهي بالبلد الي مزاد البيع في سوق الإكسلانسات أشعر بالعار لان مبارك رئيس لمصر فهو يستحق ان يُحاكم لا ان يحكم ان يفزع لا ان يفزعنا ان يعزل لا ان يسأل ان تذهب ريحه لا ان يذهب باسم مصر لها المجد في العالمين نعم يا مبارك أشعر بالعار لانك الرئيس أشعر بالقرف أشعر كأني أريد ان أتقيأك د / عبد الحليم قنديل جريدة الكرامة |
تحميل كتاب:كارت أحمر للرئيس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
علق على الموضوع وادينى رأيك