عبد الحليم قنديل
قبل خمس سنوات، كان المانشيت الرئيسي لجريدة 'الكرامة' ـ وقت أن كنت رئيسا لتحر يرها ـ على النحو التالي بالنص 'سقوط مبارك في ميدان التحرير'.
وقد تحققت النبوءة بأكثر مما كنت أتوقع، كان تصوري ـ وقتها ـ أن يخرج المصريون في 'مظاهرة المئة ألف' بميدان التحرير في قلب القاهرة، وأن تكبر كرة النار إلى حافة المليون متظاهر، وفي ما جرى أخيرا، فقد بدأ المصريون فعلا بمظاهرة المئة ألف مساء 25 كانون الثاني/يناير 2011، لكنها في أيام صارت بثلاثة ملايين في ميدان التحرير وحده، وبخمسة ملايين في المدن الأخرى شمالا، وبما يقارب المليونين جنوبا، صار المليون الذي حلمت به عشرة ملايين، وفي غضب طافح يشبه براكين الطبيعة، وفي أرقى صور التظاهر والاحتشاد السلمي التي عرفها العالم، وزاد الحشد كثافة، وصعد إلى ذروته مع إجرام أمني وقع يوم 'جمعة الغضب' 28 كانون الثاني/يناير، ثم مع 'موقعة الجمل' في ميدان التحرير، التي بدا فيها نظام مبارك على أصله الجاهلي، كان الخطأ الأمني خلقيا ولا مفر منه، فأنت لا تستطيع أن تربي وحشا، ثم تمنعه من نهش الناس، وقد كان التوحش الأمني بلا مثيل في مصر، جيش أمن داخلي يقترب تعداده من المليوني فرد، وبقيادة الجنرال حبيب العادلي رجل عائلة مبارك، وانهار جيش العادلي في حربه الدموية على 'كوبري قصر النيل' المؤدي لميدان التحرير، وأثبت شباب الثورة الشعبية المصرية صلابة وبسالة مذهلة، وإلى اليوم الثامن عشر من عمر الثورة، الذي سقط مبارك في نهايته، بعد تلكؤ التراجعات المراوغة، ثم التفويض لنائبه، ثم التنحي النهائي .
انتهت ثورة مصر الشعبية العظمى إلى قطع رأس النظام، وطرده من كرسي الرئاسة بإذلال يستحقه، وبتساقط رؤوس جماعته المالية والأمنية، وانتهت إدارة البلد مؤقتا إلى الجيش، وإلى 'المجلس الأعلى للقوات المسلحة' بالتحديد، وللجيش المصري مكانة عظيمة في نفوس المصريين، فلم يدخل الجيش أبدا في صدام مع المصريين، وعلى مدى قرنين هو عمر الدولة المصرية الحديثة، وعلى خلفية الرسوخ التاريخي لدولة عمرها آلاف السنين، كان الجيش عنوانا للفخار والمجد، وكان النواة الصلبة للتكوين المصري، كان مواكبا لصبوات مصر وأحلامها، كان الجيش يشعل الثورات على طريقة أحمد عرابي وجمال عبد الناصر، أو يساند الثورات ولا يخاصمها، وقد فعلها الجيش هذه المرة أيضا، ورفض تنفيذ أوامر الرئيس المخلوع بإطلاق النار على المتظاهرين، واصل سيرته الحسنة، ولكن مع الوعي بتغيرات جرت على الجيش في ثلاثين سنة مضت على عقد ما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فقد جرى إضعاف مكانة الجيش.
وجرت ظواهر تجريف واحتواء في أنساقه العليا بالذات، وفي مقال، من جزءين، خاطرت 'القدس العربي' بنشره لي أواخر عام 2007، ثم ظهر أواسط العام 2008، في كتابي 'الأيام الأخيرة'، وحمل عنوان 'إذا حكم الجيش مصر'، فقد توقعت السيناريو الذي يحدث فعليا الآن، وقلت انه 'إذا حكم الجيش مصر'، فلن تكون المهمة سهلة، فقد تحول الجيش إلى قوة فيزيائية بأكثر من كونه قوة سياسية، وقدرت أن مزيجا من قوة الجيش والقوى المدنية قد يتشكل، وأن نوعا ما من 'الصيغة التركية' هو الأقرب للتحقق، وفيما بدت قيادة الجيش على حالة من الارتباك والحيرة في البداية، فقد سقطت ثمرة الثورة الجديدة في حجرها، بينما لا تبدو مستعدة لأخذ الأمور إلى نهاياتها، وفضلت أن تكون المهمة مؤقتة جدا، ولمدى ستة شهور تنتهي بانتخاب رئيس وحكومة مدنية، وهو ما بدا إيجابيا بالطبع للحريصين على سرعة التحول إلى حياة مدنية ديمقراطية، بدا الجيش كوسيط مؤقت، وبدت اختياراته للجنة تعديل الدستور لافتة جدا، فقد اختار المستشار طارق البشري لقيادة المهمة العاجلة، وطارق البشري ـ كما هو معلوم ـ بتمتع بثقة هائلة في أوساط التيارين القومي والإسلامي بالذات .
وبالقطع، فقد لا يكون دور الجيش كوسيط هو الصيغة النهائية، فالأيام العواجل تبدو حبلى بالنذر، وانتخابات الأجل القصير للبرلمان والرئاسة لا تبدو ختاما للمشهد، بل ربما نكون، فقط، بصدد لحن افتتاح صاخب، فالوجع المصري مركب ومتعدد الجوانب، والتقدم إلى إجراءات ديمقراطية موثوق بها مطلوب جدا، وموضع إجماع سياسي، لكنه، باليقين، ليس الوصفة السحرية، ولا تميمة النجاة من العواصف، فالثورة الشعبية المصرية تفتتح بالكاد فصلها الديمقراطي الأول، وثمة فصول أخرى اجتماعية ووطنية قد تكون أكثر عنفا، وقد توالت النذر الاجتماعية، سرت موجات من الاحتجاج الاجتماعي في كافة الهيئات والمرافق والمصانع، وعلى اتساع الجغرافيا المصرية، وبدت قيادة الجيش ـ المكلف بإدارة البلد ـ في حيرة مضاعفة، فهي تريد انضباط السكان كما انضباط العسكر، وتريد بيئة هادئة ومستقرة، ولا تريد أن تقحم نفسها في معضلات كبرى شائكة، وهي تؤكد احترامها للاتفاقات والمعاهدات الدولية والإقليمية، وهي تعني أنها لن تمس ما يسمى معاهدة السلام، وما ترتب عليها من قيود، لكنها تغفل عن مطالب عاجلة بالخصوص، خاصة ما تعلق منها بتنفيذ أحكام قضائية نهائية باتة.
ومن نوع إعادة فتح معبر رفح الذي أعيد غلقه في أيام اشتعال الثورة، وقف تصدير الغاز لإسرائيل، وتقرير حد أدنى للأجور بقيمة 1200 جنيه مصري شهريا، وتقرير إعانة بطالة للعاطلين بقيمة نصف الأجر، وهو ما يجب أن يلتفت إليه المجلس العسكري، وقد يعني إهماله توليد أزمات كبرى، فلا يصح أن يطلب من الناس وقف الاضرابات والمظاهرات الاجتماعية، مع ترك الظلم الفادح على حاله، فالشعب لم يسقط مبارك لكونه ديكتاتورا مستبدا فقط، بل لأنه عنوان انحطاط وظلم وفساد شامل، وإعادة تدوير عجلة الانتاج ـ كما يطلب المجلس العسكري ـ مطلوب جدا، لكن مع وقف عجلة الفساد، وإقرار الحد الأدنى من مبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية، خاصة أن سؤال نقص الموارد مردود عليه، وإصلاح الخلل الجنوني في نظام الأجور يكفي لتنفيذ الحكم القضائي فورا، ودستور الأجور مهم تماما كدستور الحريات، ثم ان إجراءات تصفية وكنس نظام مبارك الفاسد تبدو متباطئة جدا، وتأجيل المهمة لحين إجراء انتخابات الرئاسة قد يضيع الفرصة، وما جرى من تنحية مبارك وقطع رأس النظام سياسيا لا يكفي، والسؤال الأهم عن مصير ثروة عائلة مبارك، التي ذهبت التقديرات بصددها إلى ما يقارب السبعين مليار دولار، والمعلومات بصدد تهريبها متاحة، ودور المجلس العسكري الحاكم هو استرداد هذه الأموال فورا، وكلها مسروقة من موارد وثروة الشعب المصري، أضف، إلى سرقات العائلة، تريليونات الدولارات التي ذهبت لمليارديرات البيزنس الحرام، فلا تكــفي أوامر المنـــع من السفر، بل لابد من عقد محاكمات عاجلة حتى لو كانت عسكرية، خاصة في استرداد الأراضي الممنـــوحة بالمجان تقريبا لمليارديرات وأصدقاء الرئيس المخلوع وعائلته، واسترداد المصانع المباعة برخص التراب، والموقوفة عن العمل بأوامر زبائن الخصخصة، فالديمقراطية المطلوبة ليست مواعيد وتعـــــديلات وإجراءات، إنها ـ في الأصل ـ حكم القانون لا حكم الغابة الموروث عن عهد الرئيس المخلوع، إنها، في الأصل، حكم الشعب لنفسه وبنفسه، واستعادة سيطرته على موارده ومقدراته المنهوبة، وقد نهبت مصر، في ظل حكم الرئيس المطرود، كما لم تنهب في تاريخها الألفي .
وحتى في إجراءات الانتقال لحكم ديمقراطي، لا يبدو تعديل الدستور وتحديد مواعيد الانتخابات كافيا، فمصر تحتاج إلى دستور شعبي ديمقراطي جديد، ونقطة البدء ـ المعلقة إلى الآن ـ هي إطلاق الحريات العامة، أي إنهاء حالة الطوارئ المتصلة لثلاثين سنة، والإفراج التام عن المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات، والاقرار القانوني بحريات التظاهر والاعتصام والإضراب السلمي، وتنظيم إجراءاتها، وهذه مهمة أولى ولا تحتمل التأجيل، ولا تتطلب غير قرارات تصدر بجرة قلم، خاصة أن 'المجلس العسكري' أعطى لنفسه حق إصدار مراسيم لها قوة القانون، ويستطيع أن يفعلها الآن، وبغير احتياج إلى موارد مال .فالمطلوب الآن ـ وبغير تأجيل ـ كنس النظام الذي قطعت الثورة رأسه.
كاتب مصري محترم جدا يكرة مبارك جدا
وقد تحققت النبوءة بأكثر مما كنت أتوقع، كان تصوري ـ وقتها ـ أن يخرج المصريون في 'مظاهرة المئة ألف' بميدان التحرير في قلب القاهرة، وأن تكبر كرة النار إلى حافة المليون متظاهر، وفي ما جرى أخيرا، فقد بدأ المصريون فعلا بمظاهرة المئة ألف مساء 25 كانون الثاني/يناير 2011، لكنها في أيام صارت بثلاثة ملايين في ميدان التحرير وحده، وبخمسة ملايين في المدن الأخرى شمالا، وبما يقارب المليونين جنوبا، صار المليون الذي حلمت به عشرة ملايين، وفي غضب طافح يشبه براكين الطبيعة، وفي أرقى صور التظاهر والاحتشاد السلمي التي عرفها العالم، وزاد الحشد كثافة، وصعد إلى ذروته مع إجرام أمني وقع يوم 'جمعة الغضب' 28 كانون الثاني/يناير، ثم مع 'موقعة الجمل' في ميدان التحرير، التي بدا فيها نظام مبارك على أصله الجاهلي، كان الخطأ الأمني خلقيا ولا مفر منه، فأنت لا تستطيع أن تربي وحشا، ثم تمنعه من نهش الناس، وقد كان التوحش الأمني بلا مثيل في مصر، جيش أمن داخلي يقترب تعداده من المليوني فرد، وبقيادة الجنرال حبيب العادلي رجل عائلة مبارك، وانهار جيش العادلي في حربه الدموية على 'كوبري قصر النيل' المؤدي لميدان التحرير، وأثبت شباب الثورة الشعبية المصرية صلابة وبسالة مذهلة، وإلى اليوم الثامن عشر من عمر الثورة، الذي سقط مبارك في نهايته، بعد تلكؤ التراجعات المراوغة، ثم التفويض لنائبه، ثم التنحي النهائي .
انتهت ثورة مصر الشعبية العظمى إلى قطع رأس النظام، وطرده من كرسي الرئاسة بإذلال يستحقه، وبتساقط رؤوس جماعته المالية والأمنية، وانتهت إدارة البلد مؤقتا إلى الجيش، وإلى 'المجلس الأعلى للقوات المسلحة' بالتحديد، وللجيش المصري مكانة عظيمة في نفوس المصريين، فلم يدخل الجيش أبدا في صدام مع المصريين، وعلى مدى قرنين هو عمر الدولة المصرية الحديثة، وعلى خلفية الرسوخ التاريخي لدولة عمرها آلاف السنين، كان الجيش عنوانا للفخار والمجد، وكان النواة الصلبة للتكوين المصري، كان مواكبا لصبوات مصر وأحلامها، كان الجيش يشعل الثورات على طريقة أحمد عرابي وجمال عبد الناصر، أو يساند الثورات ولا يخاصمها، وقد فعلها الجيش هذه المرة أيضا، ورفض تنفيذ أوامر الرئيس المخلوع بإطلاق النار على المتظاهرين، واصل سيرته الحسنة، ولكن مع الوعي بتغيرات جرت على الجيش في ثلاثين سنة مضت على عقد ما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فقد جرى إضعاف مكانة الجيش.
وجرت ظواهر تجريف واحتواء في أنساقه العليا بالذات، وفي مقال، من جزءين، خاطرت 'القدس العربي' بنشره لي أواخر عام 2007، ثم ظهر أواسط العام 2008، في كتابي 'الأيام الأخيرة'، وحمل عنوان 'إذا حكم الجيش مصر'، فقد توقعت السيناريو الذي يحدث فعليا الآن، وقلت انه 'إذا حكم الجيش مصر'، فلن تكون المهمة سهلة، فقد تحول الجيش إلى قوة فيزيائية بأكثر من كونه قوة سياسية، وقدرت أن مزيجا من قوة الجيش والقوى المدنية قد يتشكل، وأن نوعا ما من 'الصيغة التركية' هو الأقرب للتحقق، وفيما بدت قيادة الجيش على حالة من الارتباك والحيرة في البداية، فقد سقطت ثمرة الثورة الجديدة في حجرها، بينما لا تبدو مستعدة لأخذ الأمور إلى نهاياتها، وفضلت أن تكون المهمة مؤقتة جدا، ولمدى ستة شهور تنتهي بانتخاب رئيس وحكومة مدنية، وهو ما بدا إيجابيا بالطبع للحريصين على سرعة التحول إلى حياة مدنية ديمقراطية، بدا الجيش كوسيط مؤقت، وبدت اختياراته للجنة تعديل الدستور لافتة جدا، فقد اختار المستشار طارق البشري لقيادة المهمة العاجلة، وطارق البشري ـ كما هو معلوم ـ بتمتع بثقة هائلة في أوساط التيارين القومي والإسلامي بالذات .
وبالقطع، فقد لا يكون دور الجيش كوسيط هو الصيغة النهائية، فالأيام العواجل تبدو حبلى بالنذر، وانتخابات الأجل القصير للبرلمان والرئاسة لا تبدو ختاما للمشهد، بل ربما نكون، فقط، بصدد لحن افتتاح صاخب، فالوجع المصري مركب ومتعدد الجوانب، والتقدم إلى إجراءات ديمقراطية موثوق بها مطلوب جدا، وموضع إجماع سياسي، لكنه، باليقين، ليس الوصفة السحرية، ولا تميمة النجاة من العواصف، فالثورة الشعبية المصرية تفتتح بالكاد فصلها الديمقراطي الأول، وثمة فصول أخرى اجتماعية ووطنية قد تكون أكثر عنفا، وقد توالت النذر الاجتماعية، سرت موجات من الاحتجاج الاجتماعي في كافة الهيئات والمرافق والمصانع، وعلى اتساع الجغرافيا المصرية، وبدت قيادة الجيش ـ المكلف بإدارة البلد ـ في حيرة مضاعفة، فهي تريد انضباط السكان كما انضباط العسكر، وتريد بيئة هادئة ومستقرة، ولا تريد أن تقحم نفسها في معضلات كبرى شائكة، وهي تؤكد احترامها للاتفاقات والمعاهدات الدولية والإقليمية، وهي تعني أنها لن تمس ما يسمى معاهدة السلام، وما ترتب عليها من قيود، لكنها تغفل عن مطالب عاجلة بالخصوص، خاصة ما تعلق منها بتنفيذ أحكام قضائية نهائية باتة.
ومن نوع إعادة فتح معبر رفح الذي أعيد غلقه في أيام اشتعال الثورة، وقف تصدير الغاز لإسرائيل، وتقرير حد أدنى للأجور بقيمة 1200 جنيه مصري شهريا، وتقرير إعانة بطالة للعاطلين بقيمة نصف الأجر، وهو ما يجب أن يلتفت إليه المجلس العسكري، وقد يعني إهماله توليد أزمات كبرى، فلا يصح أن يطلب من الناس وقف الاضرابات والمظاهرات الاجتماعية، مع ترك الظلم الفادح على حاله، فالشعب لم يسقط مبارك لكونه ديكتاتورا مستبدا فقط، بل لأنه عنوان انحطاط وظلم وفساد شامل، وإعادة تدوير عجلة الانتاج ـ كما يطلب المجلس العسكري ـ مطلوب جدا، لكن مع وقف عجلة الفساد، وإقرار الحد الأدنى من مبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية، خاصة أن سؤال نقص الموارد مردود عليه، وإصلاح الخلل الجنوني في نظام الأجور يكفي لتنفيذ الحكم القضائي فورا، ودستور الأجور مهم تماما كدستور الحريات، ثم ان إجراءات تصفية وكنس نظام مبارك الفاسد تبدو متباطئة جدا، وتأجيل المهمة لحين إجراء انتخابات الرئاسة قد يضيع الفرصة، وما جرى من تنحية مبارك وقطع رأس النظام سياسيا لا يكفي، والسؤال الأهم عن مصير ثروة عائلة مبارك، التي ذهبت التقديرات بصددها إلى ما يقارب السبعين مليار دولار، والمعلومات بصدد تهريبها متاحة، ودور المجلس العسكري الحاكم هو استرداد هذه الأموال فورا، وكلها مسروقة من موارد وثروة الشعب المصري، أضف، إلى سرقات العائلة، تريليونات الدولارات التي ذهبت لمليارديرات البيزنس الحرام، فلا تكــفي أوامر المنـــع من السفر، بل لابد من عقد محاكمات عاجلة حتى لو كانت عسكرية، خاصة في استرداد الأراضي الممنـــوحة بالمجان تقريبا لمليارديرات وأصدقاء الرئيس المخلوع وعائلته، واسترداد المصانع المباعة برخص التراب، والموقوفة عن العمل بأوامر زبائن الخصخصة، فالديمقراطية المطلوبة ليست مواعيد وتعـــــديلات وإجراءات، إنها ـ في الأصل ـ حكم القانون لا حكم الغابة الموروث عن عهد الرئيس المخلوع، إنها، في الأصل، حكم الشعب لنفسه وبنفسه، واستعادة سيطرته على موارده ومقدراته المنهوبة، وقد نهبت مصر، في ظل حكم الرئيس المطرود، كما لم تنهب في تاريخها الألفي .
وحتى في إجراءات الانتقال لحكم ديمقراطي، لا يبدو تعديل الدستور وتحديد مواعيد الانتخابات كافيا، فمصر تحتاج إلى دستور شعبي ديمقراطي جديد، ونقطة البدء ـ المعلقة إلى الآن ـ هي إطلاق الحريات العامة، أي إنهاء حالة الطوارئ المتصلة لثلاثين سنة، والإفراج التام عن المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات، والاقرار القانوني بحريات التظاهر والاعتصام والإضراب السلمي، وتنظيم إجراءاتها، وهذه مهمة أولى ولا تحتمل التأجيل، ولا تتطلب غير قرارات تصدر بجرة قلم، خاصة أن 'المجلس العسكري' أعطى لنفسه حق إصدار مراسيم لها قوة القانون، ويستطيع أن يفعلها الآن، وبغير احتياج إلى موارد مال .فالمطلوب الآن ـ وبغير تأجيل ـ كنس النظام الذي قطعت الثورة رأسه.
كاتب مصري محترم جدا يكرة مبارك جدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
علق على الموضوع وادينى رأيك