أدركت أن الامر خاسر قبل اسبوعين، ومحمد بوعزيزي البائع المتنقل ابن السادسة والعشرين الذي سكب على جسمه وعاء نفط بعد ان صادر موظفو البلدية عجلة خضراواته المستأجرة وبصقوا في وجهه وصفعوه وطرحوه في الشارع، على سرير الموت. ليلى بن علي، السيدة الاولى في تونس، المكروهة أكثر من زوجها الرئيس، نظرت الى الجسم المغطى بالضمادات الذي صارع حتى أنفاسه الاخيرة.
كانت هي أزمته وهو المحتضر الذي أوشك ان يصبح بعد لحظة كارثتها الخاصة. كلاهما ـ السيدة المُحلاة بالجواهر والبائع الميت الحي ـ نشآ من نفس المكان: في عائلتين كثيرتي الاولاد، قليلتي القدرة وبيت مكتظ. حارب كلاهما بأظفاره ليخرج من دائرة الفقر.
نجحت بن علي في تثبيت نفسها في القمة وفي جمع المليارات بفضل شهوة القوة والسحر النسائي الذي عرفت كيف تستعمله في اللحظة الصحيحة، أما بوعزيزي فقد هُزم في مواجهة القبضة الحديدية الفاسدة. كان بوعزيزي بائعا بائسا، يجهد في كسب عيشه الضئيل، مثل عادل الطرابلسي بالضبط، والد السيدة الاولى الذي كان بائع خضراوات.
'لم تولد ليلى بن علي مع ملعقة ذهبية'، يقول المؤرخ التونسي محمد بو زين. 'نصبت لنفسها أهدافا في صعود عنيد الى القمة وكانت ترى جميع الوسائل حلالا'.
في منتصف الاسبوع قدم المحامي التونسي رضى العجمي استئنافا على بن علي في جنيف: فقد طلب تجميد جميع حساباتها في المصارف في سويسرا وفرنسا وجلب أخيها الى المحكمة الدولية بتهمة الاعتقالات التعسفية. 'لم يكونا لصّين في وضح النهار فقد عملا بطرق المافيا'، قال ناشط حقوق الانسان مونستير بن مبروك، 'بل قتلا ايضا عشرات الناس الأبرياء الذين شوشوا على غنى السيدة الاولى وشقيقها'. وقع على الاستئناف 31 مواطنا تونسيا سُلبت أملاكهم على أيدي رجال السيدة الاولى أو اختفى أقرباؤهم في السجون.
أشعلت مظاهرات الغضب شوارع مدن تونس الكبرى مدة اربعة اسابيع. وتجرأ عشرات آلاف الشبان لاول مرة في تاريخ نظام الطغيان على تمزيق صور الرئيس في الميادين وعلى أن يصرخوا 'نحن جائعون، أُغرب عنا'. لم يذعر المتظاهرون من رصاص الشرطيين. وفي كل صباح انضم عاطلون آخرون وأحرقوا اطارات السيارات وأحرقوا السيارات وسدوا الشوارع واستعدوا لدهم قصور الحاكم. وعندما صورت عدسات التصوير رجال شرطة نزعوا خوذاتهم ليمسحوا دموع التأثر والمشايعة، أدركت ليلى بن علي انه يجب عليها الانصراف. وكان ذلك قبل لحظة من اعلان موت محمد بوعزيزي.
'كان قلبي وروحي'، قالت أمه العجوز فاطمة مُدهِشة. 'وكان ايضا العائل الوحيد في عائلتنا'. أصبح ابنها مع أنفاسه الأخيرة رمز 'ثورة الياسمين' في تونس.
في اليوم التالي للزيارة وقرب سرير بوعزيزي في المستشفى قامت سيدة مهندمة مرتبة المظهر في مكتب مدير المصرف الوطني التونسي. 'أريد شراء سبائك ذهبية بمبلغ كبير'، أعلنت بحسب صحيفة 'لو موند' الباريسية التي أبلغت عن الحادثة. وعندما ذكرت ليلى بن علي المبلغ الضخم 45 مليون يورو الذي أرادت استبدال سبائك ذهبية به، قرر مدير المصرف ألا يورط نفسه وهاتف ديوان الرئيس. في اللحظة الاولى وكان الرئيس زين العابدين بن علي متفاجئا من تدبير زوجته الانفرادي، أمر مدير المصرف قائلا 'لا تبع'. نقرت زوجته بأصابع عصبية على طاولة المدير. وبعد ساعة جاء أمر جديد من القصر: 'أعطِ السيدة الاولى كل ما تطلب'. وفي غضون دقائق قليلة جُمعت سبائك ذهب من اربعة فروع المصرف ووضعت في أكياس قماش. تركت زوجة الرئيس المكان سريعا مع حراسها، وركبت طائرة وحطّت في امارة دبي في الخليج العربي.
أقلعت على أثرها الى باريس ابنتها البكر نسرين ابنة الرابعة والعشرين التي كانت مع حمل متقدم؛ وزوجها وهو رجل الاعمال الكبير ساهر المطيري في الثلاثين؛ والابنة الثانية حليمة ابنة الواحدة والعشرين. نقلت قافلة سيارات أرسلتها سفارة تونس في عاصمة فرنسا الى المطار الهاربين والحراس والخادمين الى فندق 'ديزني لاند' الفخم، الى جناحين واسعين حُجزا سلفا (300 جنيه استرليني لليلة) والى طبقة حجرات كاملة استؤجرت من اجل الحاشية. 'لم يكن من الممكن عدم ملاحظة الضيوف الجدد في الفندق'، قالت احدى خادمات الغرف. 'خرجت بنتا الرئيس من الأجنحة تلبسان ملابس ثمينة مع حليّ ذهبية وألماسية. وانتظرت سيارات فخمة عند باب الفندق. استدعوا خدمات حجرات بأسعار فاضحة'.
خلت نسرين وحليمة الى السفير التونسي. 'يجب استكمال جميع الترتيبات قبل ان يأتي سائر أبناء العائلة'، قالتا. هاتف السفير قصر الاليزيه ووزارة الخارجية وأبلغ انه 'يلوح امكان ان يهبط الرئيس بن علي ومرافقوه في نهاية الاسبوع'. أعلنت ليلى بن علي من دبي قولها: 'سأنضم اليكم فورا بعد أن أُرتب مكان سكن. أتوقع أن ينظموا من اجلنا بيتا فخما في حي هادىء لكن مركزي في باريس'.
في يوم الجمعة الماضي، قبل منتصف الليل بقليل، هرب الرئيس من تونس ايضا. ركب طائرة حظيت بمصاحبة لصيقة من طائرتين حربيتين ليبيتين وبعد ساعتين هبطت في مدينة ليون في فرنسا وطُلب اليه ألا يخرج من الطائرة. فقد مال الرئيس ساركوزي في بداية الامر الى منح عائلة الرئيس الهاربة لجوءا سياسيا، بيد أن مستشاريه حذروا من انه 'لن تكون لنا لحظة هدوء' وأشاروا نحو مئات المواطنين التونسيين الذين كانوا قد أخذوا يتظاهرون في شوارع باريس. وقد حذروا صائحين: 'اذا جاء بن علي فسنطارده. واذا انضمت ليلى الزانية فلن نستريح حتى نقضي عليها'. آنئذ صدر اعلان من وزارة الخارجية أن فرنسا لن تمنح عائلة الرئيس لجوءا سياسيا، 'ونتوقع ألا يبقى أي واحد من أبناء العائلة على ارض فرنسا ايضا'.
بقيت البنتان في خلال ذلك في فرنسا لكن والدهما أقلع فورا من مطار ليون وحلقت طائرته في الجو مدة ست ساعات الى أن حصلت على إذن هبوط في جدة في السعودية. 'جاءنا رئيسا وأُدخل على عجل قاعة الرجال المهمين في المطار'، يروي الصحافي السعودي القديم جمال خاشقجي. لم ينتظر أحد من قادة المملكة وأولياء العهد الرئيس الهارب بل موظفون صغار الشأن فقط. 'عندما دخل بن علي السيارة التي أخذته الى منزل الضيافة، نشأ انقلاب حاد لمكانته وأُعلن أنه لاجىء سياسي عندنا بلا ألقاب تكريم. وقد جعله موظفو القصر يوقع على سلسلة قواعد سلوك صارمة. اتكلوا علينا ألا يراه أحد قريبا، ولن تخرج زوجته ليلى للتجوال في مراكز الشراء كما تحب'.
ليس واضحا متى بالضبط وصلت ليلى الى السعودية وانضمت الى زوجها الرئيس وهل وقعت على 'قواعد الضيافة' التي قررها القصر. تأمرها هذه القواعد من جملة ما تأمر بلبس النقاب وتمنعها من انتعال الحذاء العالي، وقيادة سيارة والخروج من القصر بغير مصاحبة وكيل محلي. فاذا اشتهت الخروج من السعودية فسيكون عليها ان تعرض في المطار رسالة وقعها زوجها تُحل لها مغادرة الدولة. ولا يجوز للزوجين بن علي ايضا مهاتفة تونس ولا يجوز شرب الخمر ولا 'يجوز اظهار سلوك تحدّ ٍ يخرج على سلوك الحشمة في المملكة التي تطبق أحكام الاسلام'.
لا شك في ان ليلى بن علي في مشكلة شديدة.
يدان طويلتان
وُلدت في ظروف صعبة، الخامسة بين أحد عشر ولدا لعادل وسيدة الطرابلسي. عملت حتى زواجها من بن علي في تسريح الشعر: في البداية عملت غاسلة شعر في صالون حلاقة، وبعد ذلك حلاّقة. في سن الـ 18، وكانت حسناء جدا ومهندمة ومرتبة، نجحت ليلى الطرابلسي في اجتذاب انتباه خليل معاوي رجل اعمال في بدء طريقه وتزوجته. صمد الزواج ثلاث سنين فقط. وفي هذه المرحلة قررت العمل في استيراد منتوجات التجميل لكنها عملت بلا رخصة، واستعملت المهربين وورطت نفسها مع القانون وتم اعتقالها. أوصاها صديق قريب بالتوجه الى الرئيس بن علي كي يعمل في الافراج السريع عنها. وعندما خرجت من المعتقل شكرت الرئيس 'على نحو شخصي' وهكذا بدأ الامر.
أصبحت ليلى الطرابلسي عشيقة بن علي السرية، الذي كان متزوجا آنذاك نعيمة بن كافي، أم بناته الثلاث. في 1992 أعلن القصر انفصال الزوجين الرئاسيين وأوضح أن 'الرئيس معني بتجربة حظه مع امرأة اخرى ليحظى بابن ذكر'. جاءت من الزواج بليلى الطرابلسي البنتان نسرين وحليمة أولا وجاء بعدهما الابن محمد وهو في السابعة عشرة اليوم. قالوا في تونس هذا الاسبوع ان فرق السن بين الطاغية والسيدة الاولى فهو في الرابعة والسبعين وهي في السابعة والخمسين عمل لمصلحتها في الأساس. 'بقيت حلاقة في أعماق نفسها'، تقتبس وثائق 'ويكيليكس' محادثة بين سهى عرفات صديقة ليلى بن علي سابقا، وسفير الولايات المتحدة في تونس. 'فقد حرصت من جهة على تدليل بن علي المريض بالسرطان. ونمّت من جهة ثانية يدين طويلتين دُستا عميقا في الملعب السياسي وفي عالم الاعمال. استغلت مكانتها للتدخل في قرارات اتُخذت في القصر ولاملاء تعيينات مقربيها'. تشهد الازمة التي نشبت في علاقتها بأرملة الرئيس الفلسطيني على طرق سلوك ليلى بن علي وشقيقيها، بلحسن وعماد الطرابلسي ومعهما أبناء عائلة آخرون استغلوا القرابة ليجمعوا في جيوبهم الخاصة عشرات الملايين. بحسب التقديرات، أودعت عائلة الرئيس في الحسابات المصرفية في اوروبا 3.5 مليار دولار، جُمعت في سني حكم بن علي، ابتز أبناء العائلة بحسب الشبهات أصحاب حوانيت، وسيطروا على شركات خلوية ومصارف وعينوا من يرعونهم محرري صحف لمنع نشر تحقيقات عنهم.
رعت ليلى بن علي سهى عرفات قبل ست سنين. فبعد جنازة زوجها في الحال أقلعت الأرملة مع ابنتها زهوة الى تونس وحصلت هناك على فيلا فخمة، وحراس وعلاقة حميمة مع القصر. 'اشترى الرئيس بن علي لزهوة حاسوبا'، افتخرت عرفات، 'وتعاملني ليلى، السيدة الاولى مثل شقيقتي الكبرى'. غير أن شهر العسل انقضى عندما تنافست الاثنتان في اقامة شبكة مدارس خاصة. كانت عرفات على يقين من ان المدرسة للاغنياء فقط على اسم لويس باستير في قرطاج ستنتقل الى ملكيتها بعد ان أنفقت عليها 2.5 مليون يورو (تبرعا من القذافي). تبين لها فجأة ان السيدة الاولى تطمع فيها. جرت لتشكو للقذافي وهاتفت ملكة الاردن ايضا. والتقطت المكالمات الهاتفية في القصر. في صيف 2007 سافرت عرفات مع زهوة في عطلة الى مالطة، وهناك أدهشها أن قرأت في صحيفة انها أصبحت شخصية غير مرغوب فيها في تونس. سُلبت جواز سفرها واختفى الحراس والفيلا، وصودر جميع المتاع والخزائن. 'فقدت كل ما كان لي'، اشتكت عرفات للسفير الامريكي في مالطة الذي أسرع الى ارسال برقية الى واشنطن. وقد كُشف عن الوثيقة الساخنة مع سلسلة الشتائم التي وجهتها عرفات الى 'الحلاقة' بين وثائق 'ويكيليكس'.
جواهر لا الى الأبد
يتجرأ الجيران الآن في البلدة السياحية حمامات، التي بُني فيها قبل بضع سنين قصر يأسر العيون وفي مقدمته بركة سباحة اولومبية، يتجرأون الآن على الشكوى من 'الجارة السيئة'، التي وسعت مساحة القصر حتى ابتلعت كل البيوت السكنية حوله. في يوم الاثنين من هذا الاسبوع داهم شبان غاضبون القصر، وسلبوا الجواهر وصادروا أكوام ملابس وأحذية، ولوحوا ازاء عدسات التصوير بمجموعات زجاجية من ماركة فيرجيه وهشموها وطرحوا مشاعل وأحرقوا القصر.
الى هذا الاسبوع كان يُزج في السجن كل من حاول ان يشكو مافيا عائلة السيدة الاولى. 'أبغض المواطن الصغير في تونس هذه المرأة وخاف منها خوفا شديدا'، يقول محمد بن زين الذي صادر رجال بن علي مصالحه. دارت الاحاديث ايضا في فترة ذروة القوة، لكن لم يتجرأ أحد آنذاك على رفع رأسه. قابل الممثل التونسي احمد بن سعيدي الذي تجرأ قبل سنتين على السخرية من 'السيدة' جمهورا غاضبا. لم يضحك أحد ولم يصفق أحد. وعندما حاول أن يقلد 'العرّاب المحلي' بلحسن، شقيق السيدة، بدأ الجمهور يعرق. نزل بن سعيدي عن المنصة ووجد رجال شرطة ألقوا به في السجن، ولم يحاكم الى اليوم. وأُفرج عنه آخر الامر هذا الاسبوع.
بحسب تحليل خبيرة القانون التونسية سلوى شرفي، 'نقلتْ ليلى بن علي لزوجها فيروس الفساد لكنه لم يعلم الى أين وصلت أيدي عائلتها'. من المؤكد ان هذه الأيدي كانت طويلة. مع زواجها بالرئيس بن علي سيطر شقيقها البكر بلحسن، على شركة الطيران الوطنية. وحصل سائر الاخوة على مناصب رئيسية في شركات عقار ومصارف وشركات تصدير واستيراد (ولا سيما للسيارات) وشركات هواتف محمولة. وسيطر فريق من العائلة على الممتلكات وجبى آخرون رسوم رعاية واهتموا بأن يحولوا الى زوجة الرئيس حصصا كبيرة. 'كانت مشاركة في كل صفقة'، قال هذا الاسبوع مروان بن حميد، وهو رجل تصدير خسر آلاف الدولارات لصالح 'العائلة'. 'دست اصابعها ايضا في صفقات تمت مع اسرائيليين.حرصت على ان تبدو في الخارج امرأة عصرية ولم تُخف كراهيتها للحركات الاسلامية في بلادها. كان من افضالها النشاط الحثيث من اجل مساواة حقوق النساء ومكانتهن، والدفع لتشغيلهن في القطاعين العام والخاص. وقد دفعت اجهزة التربية ايضا الى الأمام واهتمت بالنفقة على حواسيب واستكمالات مهنية للمعلمين. كذلك انشأت رابطة لعلاج مرضى السرطان باسم والدتها الراحلة سيدة، وحصلت على تمويل حكومي بلغ عشرات ملايين الدولارات لانشاء مؤسسة أهـّلت معوقين للانضمام الى دائرة العمل في تونس، وفتحت لهم أبوابا في مصانع وشركات هواتف محمولة سيطرت عليها عائلتها. وكانت نشيطة في الساحة العربية ايضا وعُينت رئيسة 'منتدى النساء الرائدات في العالم العربي'.
من المنطقي أن نفترض ان يُفتح في القريب صندوق باندورا ثقيل. والتقديرات انه يحتوي على سلوك عنيف، وسرقة ممتلكات في وضح النهار، وجباية رسوم رعاية من أصحاب اعمال كبيرة ومتوسطة. من المعلوم مثلا ان عماد الطرابلسي وهو أحد اخوة زوجة الرئيس مشتبه فيه بانه سرق قبل اربع سنين قاربا في مرسيه في فرنسا. ركب هو ورجاله القارب في الليل وأبحروا به الى تونس حيث صبغوه من جديد وأزالوا ألواح تعريفه. تلقت ليلى بن علي شكوى من صاحب القارب، وهو مصرفي فرنسي جليل، وأسرعت الى التهديد برفع دعوى مضادة تدعي فيها انه ليس لها ولعائلتها أي علاقة بالحادثة.
تصف احدى وثائق 'ويكيليكس' الدهشة التي أصابت السفير الامريكي في تونس، روبرت جوديك، عندما وجد نفسه ضيف شرف على عشاء في القصر العائلي في قرطاج في تموز (يوليو) 2008. كتب السفير قبل الحادثة الى الادارة في واشنطن قائلا: 'ينطبع في نفسي ان عائلة الرئيس بن علي مكروهة في بلدها ومقطوعة عن كل ما يحدث فيه، وأنا أسمع عن عمق مشاركتها في الفساد وعن امبراطورية الاعمال التي انشأتها بطرق تُذكر بالمافيا الايطالية'. آنذاك جاء الى العشاء الذي أُقيم في بيت نسرين ابنة السيدة الاولى البكر وزوجها صالح مطيري مدير المصرف الاسلامي. تكومت على المائدة واحدة بعد الاخرى اثنتا عشرة وجبة غورميه جيء بها في طائرة من باريس ذلك الصباح. أشرف طباخ فرنسي على الوجبة. وعندما خرج الضيوف الى حديقة القصر، وقع نظر السفير على نمر تسلية سُمي فاشا ودُعي لمصافحة مدرب النمر الخاص.
'كان الحديث هاذيا'، كتب السفير. 'ساء رأيي في القدرات الثقافية المتدنية للمضيفين وأبناء العائلة الذين دُعوا تكريما لي. واشرفت ليلى على كل شيء في مظهر ريائي، مُحلاة بجواهر ثمينة كانت ترمي الى ابراز مكانتها باعتبارها السيدة الاولى'.
هُشّم جزء كبير من تلك الجواهر هذا الاسبوع امام عدسات التصوير في اثناء عمل تظاهري رمز الى نهاية طريق 'إميلدا ماركوس التونسية'.
يديعوت 21/1/2011
كانت هي أزمته وهو المحتضر الذي أوشك ان يصبح بعد لحظة كارثتها الخاصة. كلاهما ـ السيدة المُحلاة بالجواهر والبائع الميت الحي ـ نشآ من نفس المكان: في عائلتين كثيرتي الاولاد، قليلتي القدرة وبيت مكتظ. حارب كلاهما بأظفاره ليخرج من دائرة الفقر.
نجحت بن علي في تثبيت نفسها في القمة وفي جمع المليارات بفضل شهوة القوة والسحر النسائي الذي عرفت كيف تستعمله في اللحظة الصحيحة، أما بوعزيزي فقد هُزم في مواجهة القبضة الحديدية الفاسدة. كان بوعزيزي بائعا بائسا، يجهد في كسب عيشه الضئيل، مثل عادل الطرابلسي بالضبط، والد السيدة الاولى الذي كان بائع خضراوات.
'لم تولد ليلى بن علي مع ملعقة ذهبية'، يقول المؤرخ التونسي محمد بو زين. 'نصبت لنفسها أهدافا في صعود عنيد الى القمة وكانت ترى جميع الوسائل حلالا'.
في منتصف الاسبوع قدم المحامي التونسي رضى العجمي استئنافا على بن علي في جنيف: فقد طلب تجميد جميع حساباتها في المصارف في سويسرا وفرنسا وجلب أخيها الى المحكمة الدولية بتهمة الاعتقالات التعسفية. 'لم يكونا لصّين في وضح النهار فقد عملا بطرق المافيا'، قال ناشط حقوق الانسان مونستير بن مبروك، 'بل قتلا ايضا عشرات الناس الأبرياء الذين شوشوا على غنى السيدة الاولى وشقيقها'. وقع على الاستئناف 31 مواطنا تونسيا سُلبت أملاكهم على أيدي رجال السيدة الاولى أو اختفى أقرباؤهم في السجون.
أشعلت مظاهرات الغضب شوارع مدن تونس الكبرى مدة اربعة اسابيع. وتجرأ عشرات آلاف الشبان لاول مرة في تاريخ نظام الطغيان على تمزيق صور الرئيس في الميادين وعلى أن يصرخوا 'نحن جائعون، أُغرب عنا'. لم يذعر المتظاهرون من رصاص الشرطيين. وفي كل صباح انضم عاطلون آخرون وأحرقوا اطارات السيارات وأحرقوا السيارات وسدوا الشوارع واستعدوا لدهم قصور الحاكم. وعندما صورت عدسات التصوير رجال شرطة نزعوا خوذاتهم ليمسحوا دموع التأثر والمشايعة، أدركت ليلى بن علي انه يجب عليها الانصراف. وكان ذلك قبل لحظة من اعلان موت محمد بوعزيزي.
'كان قلبي وروحي'، قالت أمه العجوز فاطمة مُدهِشة. 'وكان ايضا العائل الوحيد في عائلتنا'. أصبح ابنها مع أنفاسه الأخيرة رمز 'ثورة الياسمين' في تونس.
في اليوم التالي للزيارة وقرب سرير بوعزيزي في المستشفى قامت سيدة مهندمة مرتبة المظهر في مكتب مدير المصرف الوطني التونسي. 'أريد شراء سبائك ذهبية بمبلغ كبير'، أعلنت بحسب صحيفة 'لو موند' الباريسية التي أبلغت عن الحادثة. وعندما ذكرت ليلى بن علي المبلغ الضخم 45 مليون يورو الذي أرادت استبدال سبائك ذهبية به، قرر مدير المصرف ألا يورط نفسه وهاتف ديوان الرئيس. في اللحظة الاولى وكان الرئيس زين العابدين بن علي متفاجئا من تدبير زوجته الانفرادي، أمر مدير المصرف قائلا 'لا تبع'. نقرت زوجته بأصابع عصبية على طاولة المدير. وبعد ساعة جاء أمر جديد من القصر: 'أعطِ السيدة الاولى كل ما تطلب'. وفي غضون دقائق قليلة جُمعت سبائك ذهب من اربعة فروع المصرف ووضعت في أكياس قماش. تركت زوجة الرئيس المكان سريعا مع حراسها، وركبت طائرة وحطّت في امارة دبي في الخليج العربي.
أقلعت على أثرها الى باريس ابنتها البكر نسرين ابنة الرابعة والعشرين التي كانت مع حمل متقدم؛ وزوجها وهو رجل الاعمال الكبير ساهر المطيري في الثلاثين؛ والابنة الثانية حليمة ابنة الواحدة والعشرين. نقلت قافلة سيارات أرسلتها سفارة تونس في عاصمة فرنسا الى المطار الهاربين والحراس والخادمين الى فندق 'ديزني لاند' الفخم، الى جناحين واسعين حُجزا سلفا (300 جنيه استرليني لليلة) والى طبقة حجرات كاملة استؤجرت من اجل الحاشية. 'لم يكن من الممكن عدم ملاحظة الضيوف الجدد في الفندق'، قالت احدى خادمات الغرف. 'خرجت بنتا الرئيس من الأجنحة تلبسان ملابس ثمينة مع حليّ ذهبية وألماسية. وانتظرت سيارات فخمة عند باب الفندق. استدعوا خدمات حجرات بأسعار فاضحة'.
خلت نسرين وحليمة الى السفير التونسي. 'يجب استكمال جميع الترتيبات قبل ان يأتي سائر أبناء العائلة'، قالتا. هاتف السفير قصر الاليزيه ووزارة الخارجية وأبلغ انه 'يلوح امكان ان يهبط الرئيس بن علي ومرافقوه في نهاية الاسبوع'. أعلنت ليلى بن علي من دبي قولها: 'سأنضم اليكم فورا بعد أن أُرتب مكان سكن. أتوقع أن ينظموا من اجلنا بيتا فخما في حي هادىء لكن مركزي في باريس'.
في يوم الجمعة الماضي، قبل منتصف الليل بقليل، هرب الرئيس من تونس ايضا. ركب طائرة حظيت بمصاحبة لصيقة من طائرتين حربيتين ليبيتين وبعد ساعتين هبطت في مدينة ليون في فرنسا وطُلب اليه ألا يخرج من الطائرة. فقد مال الرئيس ساركوزي في بداية الامر الى منح عائلة الرئيس الهاربة لجوءا سياسيا، بيد أن مستشاريه حذروا من انه 'لن تكون لنا لحظة هدوء' وأشاروا نحو مئات المواطنين التونسيين الذين كانوا قد أخذوا يتظاهرون في شوارع باريس. وقد حذروا صائحين: 'اذا جاء بن علي فسنطارده. واذا انضمت ليلى الزانية فلن نستريح حتى نقضي عليها'. آنئذ صدر اعلان من وزارة الخارجية أن فرنسا لن تمنح عائلة الرئيس لجوءا سياسيا، 'ونتوقع ألا يبقى أي واحد من أبناء العائلة على ارض فرنسا ايضا'.
بقيت البنتان في خلال ذلك في فرنسا لكن والدهما أقلع فورا من مطار ليون وحلقت طائرته في الجو مدة ست ساعات الى أن حصلت على إذن هبوط في جدة في السعودية. 'جاءنا رئيسا وأُدخل على عجل قاعة الرجال المهمين في المطار'، يروي الصحافي السعودي القديم جمال خاشقجي. لم ينتظر أحد من قادة المملكة وأولياء العهد الرئيس الهارب بل موظفون صغار الشأن فقط. 'عندما دخل بن علي السيارة التي أخذته الى منزل الضيافة، نشأ انقلاب حاد لمكانته وأُعلن أنه لاجىء سياسي عندنا بلا ألقاب تكريم. وقد جعله موظفو القصر يوقع على سلسلة قواعد سلوك صارمة. اتكلوا علينا ألا يراه أحد قريبا، ولن تخرج زوجته ليلى للتجوال في مراكز الشراء كما تحب'.
ليس واضحا متى بالضبط وصلت ليلى الى السعودية وانضمت الى زوجها الرئيس وهل وقعت على 'قواعد الضيافة' التي قررها القصر. تأمرها هذه القواعد من جملة ما تأمر بلبس النقاب وتمنعها من انتعال الحذاء العالي، وقيادة سيارة والخروج من القصر بغير مصاحبة وكيل محلي. فاذا اشتهت الخروج من السعودية فسيكون عليها ان تعرض في المطار رسالة وقعها زوجها تُحل لها مغادرة الدولة. ولا يجوز للزوجين بن علي ايضا مهاتفة تونس ولا يجوز شرب الخمر ولا 'يجوز اظهار سلوك تحدّ ٍ يخرج على سلوك الحشمة في المملكة التي تطبق أحكام الاسلام'.
لا شك في ان ليلى بن علي في مشكلة شديدة.
يدان طويلتان
وُلدت في ظروف صعبة، الخامسة بين أحد عشر ولدا لعادل وسيدة الطرابلسي. عملت حتى زواجها من بن علي في تسريح الشعر: في البداية عملت غاسلة شعر في صالون حلاقة، وبعد ذلك حلاّقة. في سن الـ 18، وكانت حسناء جدا ومهندمة ومرتبة، نجحت ليلى الطرابلسي في اجتذاب انتباه خليل معاوي رجل اعمال في بدء طريقه وتزوجته. صمد الزواج ثلاث سنين فقط. وفي هذه المرحلة قررت العمل في استيراد منتوجات التجميل لكنها عملت بلا رخصة، واستعملت المهربين وورطت نفسها مع القانون وتم اعتقالها. أوصاها صديق قريب بالتوجه الى الرئيس بن علي كي يعمل في الافراج السريع عنها. وعندما خرجت من المعتقل شكرت الرئيس 'على نحو شخصي' وهكذا بدأ الامر.
أصبحت ليلى الطرابلسي عشيقة بن علي السرية، الذي كان متزوجا آنذاك نعيمة بن كافي، أم بناته الثلاث. في 1992 أعلن القصر انفصال الزوجين الرئاسيين وأوضح أن 'الرئيس معني بتجربة حظه مع امرأة اخرى ليحظى بابن ذكر'. جاءت من الزواج بليلى الطرابلسي البنتان نسرين وحليمة أولا وجاء بعدهما الابن محمد وهو في السابعة عشرة اليوم. قالوا في تونس هذا الاسبوع ان فرق السن بين الطاغية والسيدة الاولى فهو في الرابعة والسبعين وهي في السابعة والخمسين عمل لمصلحتها في الأساس. 'بقيت حلاقة في أعماق نفسها'، تقتبس وثائق 'ويكيليكس' محادثة بين سهى عرفات صديقة ليلى بن علي سابقا، وسفير الولايات المتحدة في تونس. 'فقد حرصت من جهة على تدليل بن علي المريض بالسرطان. ونمّت من جهة ثانية يدين طويلتين دُستا عميقا في الملعب السياسي وفي عالم الاعمال. استغلت مكانتها للتدخل في قرارات اتُخذت في القصر ولاملاء تعيينات مقربيها'. تشهد الازمة التي نشبت في علاقتها بأرملة الرئيس الفلسطيني على طرق سلوك ليلى بن علي وشقيقيها، بلحسن وعماد الطرابلسي ومعهما أبناء عائلة آخرون استغلوا القرابة ليجمعوا في جيوبهم الخاصة عشرات الملايين. بحسب التقديرات، أودعت عائلة الرئيس في الحسابات المصرفية في اوروبا 3.5 مليار دولار، جُمعت في سني حكم بن علي، ابتز أبناء العائلة بحسب الشبهات أصحاب حوانيت، وسيطروا على شركات خلوية ومصارف وعينوا من يرعونهم محرري صحف لمنع نشر تحقيقات عنهم.
رعت ليلى بن علي سهى عرفات قبل ست سنين. فبعد جنازة زوجها في الحال أقلعت الأرملة مع ابنتها زهوة الى تونس وحصلت هناك على فيلا فخمة، وحراس وعلاقة حميمة مع القصر. 'اشترى الرئيس بن علي لزهوة حاسوبا'، افتخرت عرفات، 'وتعاملني ليلى، السيدة الاولى مثل شقيقتي الكبرى'. غير أن شهر العسل انقضى عندما تنافست الاثنتان في اقامة شبكة مدارس خاصة. كانت عرفات على يقين من ان المدرسة للاغنياء فقط على اسم لويس باستير في قرطاج ستنتقل الى ملكيتها بعد ان أنفقت عليها 2.5 مليون يورو (تبرعا من القذافي). تبين لها فجأة ان السيدة الاولى تطمع فيها. جرت لتشكو للقذافي وهاتفت ملكة الاردن ايضا. والتقطت المكالمات الهاتفية في القصر. في صيف 2007 سافرت عرفات مع زهوة في عطلة الى مالطة، وهناك أدهشها أن قرأت في صحيفة انها أصبحت شخصية غير مرغوب فيها في تونس. سُلبت جواز سفرها واختفى الحراس والفيلا، وصودر جميع المتاع والخزائن. 'فقدت كل ما كان لي'، اشتكت عرفات للسفير الامريكي في مالطة الذي أسرع الى ارسال برقية الى واشنطن. وقد كُشف عن الوثيقة الساخنة مع سلسلة الشتائم التي وجهتها عرفات الى 'الحلاقة' بين وثائق 'ويكيليكس'.
جواهر لا الى الأبد
يتجرأ الجيران الآن في البلدة السياحية حمامات، التي بُني فيها قبل بضع سنين قصر يأسر العيون وفي مقدمته بركة سباحة اولومبية، يتجرأون الآن على الشكوى من 'الجارة السيئة'، التي وسعت مساحة القصر حتى ابتلعت كل البيوت السكنية حوله. في يوم الاثنين من هذا الاسبوع داهم شبان غاضبون القصر، وسلبوا الجواهر وصادروا أكوام ملابس وأحذية، ولوحوا ازاء عدسات التصوير بمجموعات زجاجية من ماركة فيرجيه وهشموها وطرحوا مشاعل وأحرقوا القصر.
الى هذا الاسبوع كان يُزج في السجن كل من حاول ان يشكو مافيا عائلة السيدة الاولى. 'أبغض المواطن الصغير في تونس هذه المرأة وخاف منها خوفا شديدا'، يقول محمد بن زين الذي صادر رجال بن علي مصالحه. دارت الاحاديث ايضا في فترة ذروة القوة، لكن لم يتجرأ أحد آنذاك على رفع رأسه. قابل الممثل التونسي احمد بن سعيدي الذي تجرأ قبل سنتين على السخرية من 'السيدة' جمهورا غاضبا. لم يضحك أحد ولم يصفق أحد. وعندما حاول أن يقلد 'العرّاب المحلي' بلحسن، شقيق السيدة، بدأ الجمهور يعرق. نزل بن سعيدي عن المنصة ووجد رجال شرطة ألقوا به في السجن، ولم يحاكم الى اليوم. وأُفرج عنه آخر الامر هذا الاسبوع.
بحسب تحليل خبيرة القانون التونسية سلوى شرفي، 'نقلتْ ليلى بن علي لزوجها فيروس الفساد لكنه لم يعلم الى أين وصلت أيدي عائلتها'. من المؤكد ان هذه الأيدي كانت طويلة. مع زواجها بالرئيس بن علي سيطر شقيقها البكر بلحسن، على شركة الطيران الوطنية. وحصل سائر الاخوة على مناصب رئيسية في شركات عقار ومصارف وشركات تصدير واستيراد (ولا سيما للسيارات) وشركات هواتف محمولة. وسيطر فريق من العائلة على الممتلكات وجبى آخرون رسوم رعاية واهتموا بأن يحولوا الى زوجة الرئيس حصصا كبيرة. 'كانت مشاركة في كل صفقة'، قال هذا الاسبوع مروان بن حميد، وهو رجل تصدير خسر آلاف الدولارات لصالح 'العائلة'. 'دست اصابعها ايضا في صفقات تمت مع اسرائيليين.حرصت على ان تبدو في الخارج امرأة عصرية ولم تُخف كراهيتها للحركات الاسلامية في بلادها. كان من افضالها النشاط الحثيث من اجل مساواة حقوق النساء ومكانتهن، والدفع لتشغيلهن في القطاعين العام والخاص. وقد دفعت اجهزة التربية ايضا الى الأمام واهتمت بالنفقة على حواسيب واستكمالات مهنية للمعلمين. كذلك انشأت رابطة لعلاج مرضى السرطان باسم والدتها الراحلة سيدة، وحصلت على تمويل حكومي بلغ عشرات ملايين الدولارات لانشاء مؤسسة أهـّلت معوقين للانضمام الى دائرة العمل في تونس، وفتحت لهم أبوابا في مصانع وشركات هواتف محمولة سيطرت عليها عائلتها. وكانت نشيطة في الساحة العربية ايضا وعُينت رئيسة 'منتدى النساء الرائدات في العالم العربي'.
من المنطقي أن نفترض ان يُفتح في القريب صندوق باندورا ثقيل. والتقديرات انه يحتوي على سلوك عنيف، وسرقة ممتلكات في وضح النهار، وجباية رسوم رعاية من أصحاب اعمال كبيرة ومتوسطة. من المعلوم مثلا ان عماد الطرابلسي وهو أحد اخوة زوجة الرئيس مشتبه فيه بانه سرق قبل اربع سنين قاربا في مرسيه في فرنسا. ركب هو ورجاله القارب في الليل وأبحروا به الى تونس حيث صبغوه من جديد وأزالوا ألواح تعريفه. تلقت ليلى بن علي شكوى من صاحب القارب، وهو مصرفي فرنسي جليل، وأسرعت الى التهديد برفع دعوى مضادة تدعي فيها انه ليس لها ولعائلتها أي علاقة بالحادثة.
تصف احدى وثائق 'ويكيليكس' الدهشة التي أصابت السفير الامريكي في تونس، روبرت جوديك، عندما وجد نفسه ضيف شرف على عشاء في القصر العائلي في قرطاج في تموز (يوليو) 2008. كتب السفير قبل الحادثة الى الادارة في واشنطن قائلا: 'ينطبع في نفسي ان عائلة الرئيس بن علي مكروهة في بلدها ومقطوعة عن كل ما يحدث فيه، وأنا أسمع عن عمق مشاركتها في الفساد وعن امبراطورية الاعمال التي انشأتها بطرق تُذكر بالمافيا الايطالية'. آنذاك جاء الى العشاء الذي أُقيم في بيت نسرين ابنة السيدة الاولى البكر وزوجها صالح مطيري مدير المصرف الاسلامي. تكومت على المائدة واحدة بعد الاخرى اثنتا عشرة وجبة غورميه جيء بها في طائرة من باريس ذلك الصباح. أشرف طباخ فرنسي على الوجبة. وعندما خرج الضيوف الى حديقة القصر، وقع نظر السفير على نمر تسلية سُمي فاشا ودُعي لمصافحة مدرب النمر الخاص.
'كان الحديث هاذيا'، كتب السفير. 'ساء رأيي في القدرات الثقافية المتدنية للمضيفين وأبناء العائلة الذين دُعوا تكريما لي. واشرفت ليلى على كل شيء في مظهر ريائي، مُحلاة بجواهر ثمينة كانت ترمي الى ابراز مكانتها باعتبارها السيدة الاولى'.
هُشّم جزء كبير من تلك الجواهر هذا الاسبوع امام عدسات التصوير في اثناء عمل تظاهري رمز الى نهاية طريق 'إميلدا ماركوس التونسية'.
يديعوت 21/1/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق