كشفت صحيفة 'ديلي تلغراف' البريطانية المحافظة عن خط 'ساخن' لنائب الرئيس المصري، عمر سليمان، حيث يقوم من خلاله بالاتصال مع اسرائيل وبشكل يومي.
وقالت الصحيفة نقلا عن وثائق ويكيليكس ان سليمان كان دائما الخيار المحبب لاسرائيل. وكشفت الوثائق ان اسرائيل كانت بحثت فكرة تولي سليمان السلطة فيما بعد مرحلة مبارك وذلك بعد مشاورات مع الحكومة الامريكية، حسب وثائق تعود الى عام 2008.
وقالت ان سليمان يعتبر مفتاحا مهما للسياسة في الشرق الاوسط والذي اقترح حسب زعم الصحيفة مرة انه لا يعارض هو ووزير الدفاع محمد حسين طنطاوي ان تقوم اسرائيل باعادة احتلال محور فيلادلفيا ان كان هذا الاحتلال سيوقف تهريب الاسلحة.
وتظهر التقارير التي كتبها مسؤولون في السفارة الامريكية في القاهرة وتل ابيب التعاون القريب بين سليمان والولايات المتحدة واسرائيل والاهتمام الذي ابداه الدبلوماسيون الامريكيون في خلافة سليمان لمبارك. وتتحدث التقارير عن موقع مصر الحساس من ناحية محاولتها الحفاظ على مكانتها في الشرق الاوسط من جهة والاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع كل من امريكا واسرائيل. وتشير الوثائق ان سليمان اصبح بحلول عام 2008 نقطة الاتصال الرئيسية لاسرائيل مع الحكومة المصرية.
وتحدث ديفيد هاتشمان، المستشار البارز في الخارجية الاسرائيلية لشؤون الدفاع الى السفارة الامريكية قائلا ان وفدا من وزارة الدفاع الاسرائيلية بقيادة وزير الدفاع ايهود باراك زار مصر وكيف فوجئ هاتشمان بالحالة الصحية للرئيس مبارك حيث بدت عليه الشيخوخة وكان حديثه غير مفهوم وفي الوقت نفسه عبر باراك عن اعجابه الشديد بسليمان الذي يظهر اسمه في الوثائق كـ'سوليمان'. وكتبت السفارة الاسرائيلية في تل ابيت تقريرا، مؤرخا في آب (اغسطس) 2008 ان 'هاتشمان قد مدح سوليمان كثيرا، لكنه في الوقت نفسه لاحظ وجود خط هاتفي ساخن بين وزارة الدفاع الاسرائيلية والمخابرات المصرية ويتم استخدامه بشكل يومي'. واضاف التقرير ان 'هاتشمان لاحظ ان الاسرائيليين يعتقدون بتولي سوليمان حكومة مؤقتة - على الاقل - حالة رحيل مبارك او اصبح عاجزا عن قيادة الدولة'.
وقال التقرير انه 'يحيل سيناريوهات الخلافة للسفارة في القاهرة كي يتم تحليلها، لكن لا احد يجادل ان اسرائيل مرتاحة لفكرة عمر سوليمان'. وفي وثائق اخرى يلاحظ الدبلوماسيون الامريكيون ان سليمان تعرض لانتقادات حادة من الاسرائيليين بسبب العجز عن وقف تهريب الاسلحة ونقلها للجماعات الفلسطينية في غزة.
وفي احدى المرات اقترح سليمان على الاسرائيليين ارسال قوات الى الحدود المصرية، محور فيلادلفيا من اجل وقف التهريب. وقال تقرير انه في 'لحظات تعبيرهم ـ الاسرائيليين ـ عن الاحباط اقترح (وزير الدفاع المصري) طنطاوي وسوليمان ان جيش الدفاع الاسرائيلي سيتم 'الترحيب' به لاعادة احتلال محور فيلادلفيا، اذا كان الجيش الاسرائيلي يرى ان هذا سيوقف تهريب الاسلحة'. وتقول الوثائق ان سليمان كان يرى ضرورة 'عزل' حماس واعتقد ان القطاع يجب 'يشعر بالجوع ولكن ليس لحد التجويع'. وكتب الدبلوماسيون الامريكيون 'لم يعد امامنا الا وقت قليل لتحقيق السلام. ونريد ان نصحو في الصباح بدون اخبار عن اعمال ارهابية ـ تفجيرات واخبار عن الموت'.
من جهة اخرى قال مسؤول اسرائيلي بارز انه تحدث مع مبارك قبل اربعة ايام واكد ان مبارك لا زال مصراً على البقاء في منصبه حتى نهاية ولايته. وقال بنيامين بن اليعازر، وزير التجارة الاسرائيلي السابق ان مبارك قال له 'هذه ليست بيروت ولا تونس وانا متأكد من ان الامور تحت السيطرة ولا تقلق'. وقال اليعازر ان مبارك قد يترك منصبه ان وجد طريقة للخروج بكرامة وقال ان الجيش لا زال يدعمه.
وكان سليمان قد بدأ حوارات مع المعارضة يوم السبت من اجل حل الازمة السياسية في مصر ووقف عمليات الاحتجاج في مدن مصر وخاصة في ساحة التحرير. وفي نفس اليوم حصل سليمان على دعم وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ليكون رمز المرحلة القادمة من اجل تحقيق نقل للسلطة سلس بعد ان اعلن الرئيس الحالي حسني مبارك انه لن يترشح لانتخابات ايلول (سبتمبر) القادمة. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي اعلن الاسبوع الماضي عن دعمه للتغيير في مصر قد اتصل هاتفيا مع سليمان وحثه على اتخاذ خطوات واضحة وصادقة لكي يعرف العالم ان مصر بدأت خطوات حقيقية من اجل الاصلاح.
نقطة الاتصال الرئيسية
وفي هذا الاتجاه لا زال سليمان يحظى بدعم امريكي مع ان المتحدثين باسم البيت الابيض رفضوا ما قاله سليمان في لقائه مع شبكة اي بي سي الامريكية، وفي الوقت نفسه، فواشنطن لا تعرف كيفية الضغط على سليمان، خاصة ان السلطات المصرية بدأت تؤكد سيطرتها على الامور. ويضاف الى ذلك اهمية سليمان وعلاقته الوثيقة بالمؤسسة الامريكية، حيث كان نقطة اتصال مهمة مع سي اي ايه، وكان دائما يلتقي المسؤولين الامريكيين ويقدم لهم شرحا عن الوضع، حيث ثمن الامريكيون تحليلاته.
الرجل الحاد التفكير
وكما تصفه وثائق ويكيليكس التي كتبها مسؤولو السفارة في القاهرة فهو رجل 'يملك فكرا تحليليا حادا' واحيانا وصف بالمستشار الموثوق.
ووصف سليمان في تقرير اخر عام 2009 كوريث محتمل لمبارك. ودائما ما اكد سليمان للامريكيين ان مصر مبارك تعمل دائما على احتواء الارهاب وقال لمايك مولين- رئيس هيئة الاركان المشتركة اثناء زيارة الاخير للقاهرة عام 2009، 'مصر محاطة بالجماعات الراديكالية'.
واخبر سليمان مدير اف بي اي، روبرت مولر ان الاخوان المسلمين في مصر يمثلون التهديد الاخطر خاصة ان الجماعة تقوم باستغلال الدين من اجل تحشيد الرأي العام، كما قال.
الرسائل الغامضة من واشنطن ليست مفاجئة
ويبدو الموقف الامريكي محيرا، ففي حين يقول سليمان ان البلاد ليست مهيأة بعد لرفع قوانين الطوارئ او التحول الديمقراطي، ولا يرى ضرورة لاستقالة الرئيس فان امريكا في بحثها عن تحقيق استقرار في مصر تعتمد الان عليه وعلى الحكومة المؤقتة، خاصة ان واشنطن لم تجد بعد خيارا جيدا عن ما هو موجود. وبعد اسبوعين من الرسائل المتضاربة لا زالت واشنطن تبحث عن توازن في مواقفها بين دعمها الحقوق الرئيسية للمحتجين من ناحية وخوفها من اختطاف جماعات ـ اسلامية ـ لها.
وادى الموقف المتردد من واشنطن الى تشكيل رؤية بين المعتصمين في ميدان التحرير من ان امريكا باتت تفضل الاستقرار على التغيير الديمقراطي، مفضلة في هذا تحولا تدريجيا يقوده النظام الحالي. ففي الايام الاخيرة بدأت الادارة خاصة جوزيف بايدن، نائب الرئيس الامريكي والذي يعرف سليمان منذ ان كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية تطالب سليمان بوضع خطة طريق للاصلاح الديمقراطي واهم ما في المطالب الامريكية تغييرات دستورية تنهي نظام الحزب الواحد. ويعلق محللون وباحثون في التاريخ العسكري المصري ان الرسائل الغامضة من واشنطن ليست مفاجئة فهي من جهة تريد دعم القوى الديمقراطية ولكنها تقوم من جهة ثانية بدعم الجيش ومنذ 30 عاما. وقالت صحيفة 'لوس انجليس تايمز' الامريكية ان ادارة اوباما يبدو انها توصلت لنتيجة تقوم على دعم الاستقرار المترافق مع اصلاحات تدريجية كوسيلة لتطمين حلفائها في المنطقة وهو موقف يتعارض مع مطالب الجماهير التي تدعو لرحيل مبارك سريعا.
وجاء هذا الموقف على الرغم من خشية عدد من المسؤولين في الادارة من عمر سليمان المدعوم من الجيش والتزامه باصلاحات سياسية. ولكن الادارة ترى الان دول الشرق الاوسط يجب السماح لها بتحقيق التحول الديمقراطي بناء على ظروفها وبالسرعة المناسبة لها. وعليه فواشنطن يبدو انها قبلت فكرة بقاء مبارك كرئيس للدولة بصلاحيات قليلة في الوقت الذي تتواصل في المحادثات. وكانت مجموعة 'العمل من اجل مصر' وهي جماعة مؤثرة قد كتبت لاوباما تحذره من القبول بفكرة التحول الوهمي وقالت انه بدون تغيير حقيقي فالنظام سيظل في مكانه، وقال البيان ان دعم امريكا لمبارك ونائبه وتجاهل مطالب الجماهير سيكون خطأ كبيرا.
مبارك عدو الاخوان والاصلاح
وتلاحظ صحيفة 'واشنطون بوست' ان تصريحات الادارة الامريكية حول دور للاخوان في الحياة السياسية المصرية يعكس تحولا في النظرة وتحولا في فكر الاخوان المسلمين الذين يريدون الدخول في اللعبة الديمقراطية. وكان اوباما قد تحدث لشبكة فوكس نيوز قائلا ان غالبية المجتمع المصري علماني، ومع اعترافه بوجود ملامح معادية في فكر الاخوان لامريكا الا انه من الخطأ الافتراض دائما انه ليس امامنا الا خياران اما 'اخوان مسلمون او مجتمع مضطهد'. ومن جهة اخرى اظهرت تقارير اخرى كتبها الدبلوماسيون الامريكيون رفض مبارك التحول الديمقراطي لخشيته من الفوضى والاضطراب واعتقد حسب التقارير التي تعود الى 2009 الى ان تفكير مبارك يقوم على انه من الاحسن معاناة عدد من الاشخاص ـ دعاة التغيير ـ بدلا من اندلاع الفوضى في كل المجتمع. وتدافع صحف امريكية تنشر مقتطفات من التقارير عن الموقف الامريكي من الاصلاح وان الامريكيين كانوا واعين منذ البداية بمشاكل مصر وموقف مبارك، كما تظهر التقارير محدودية الدور الذي يمكن ان يلعبه الدبلوماسيون الامريكيون على بلد يعتبر حليفا مهما لامريكا. ويقول تقرير ان لا موضوع يكشف عن رأي مبارك اكثر من رده على المطالب (الامريكية) التي تدعوه الى عملية تنافس سياسي حقيقية وتخفيف سيطرة القوات الامنية. وتشير التقارير الى موقف ادارة اوباما دعوة مبارك علنا للاصلاح الداخلي وهي 'دعوات ادت لاصرار اكبر من مبارك على عدم تقبل ارائنا'.
انظروا ماذا حدث للشاه وغزة
وتشير التقارير الى ان مبارك دائما ما ذكر الامريكيين بآثار الدعوات للاصلاح في العالم الاسلامي وقال لهم ان 'ايران الشاه هي دولة دعت امريكا للاصلاح فيها لتشاهدها وهي تقع في يد الثوريين الدينيين المتطرفين' اضافة للانتخابات الفلسطينية التي حذر من عقدها عام 2006 وادت 'لجلب حماس وايران على ابوابه' مصر. ولام الامريكيين على غزو العراق مشيرا الى ان 'صدام على الاقل حافظ على وحدة البلاد'. وتصف التقارير مبارك بانه 'علماني مصري كلاسيكي يكره تدخل المتطرفين الدينيين في السياسة'. وعليه تعامل مع الاخوان المسلمين على انهم 'الاسوأ لانهم لا يهددون سلطته ولكن رؤيته للمصالح الامريكية'. وتصف التقارير رجلا لا يلتفت الى المحاباة ولكن عندما يدور الحديث ويحكي قصصا عن تجربته الطويلة فانه يظهر وجها من المرح مختلفا.
انتقال السلطة يعود للدستور
وعن موضوع الوراثة يقول تقرير ان 'العملية محكومة بالاجراءات الدستورية ويبدو انه يضع ثقته بالله والجيش والقوات الامنية المدنية لتحقيق الانتقال السلس للسلطة'. وتقول صحيفة 'واشنطن بوست' ان تقريرا يعود الى كانون الثاني- يناير- يظهر تشابه مطالب المتظاهرين اليوم بما طالبته به امريكا من قبل، فقد دعته السفارة الى رفع العمل بقوانين الطوارئ، وقانون لمكافحة الارهاب يضمن الحريات المدنية وانتخابات نزيهة لان 'انتخابات عام 2011 والانتخابات المحتملة فيه ومسألة الوراثة ستكونان في مركز النقاش السياسي'. كما الح تقرير على 'حكومة مصر من اجل توسيع المساحة المتاحة للاعبين السياسيين وفتح المجال امام تسجيل احزاب جديدة'.
كشفت صحيفة 'ديلي تلغراف' البريطانية المحافظة عن خط 'ساخن' لنائب الرئيس المصري، عمر سليمان، حيث يقوم من خلاله بالاتصال مع اسرائيل وبشكل يومي.
وقالت الصحيفة نقلا عن وثائق ويكيليكس ان سليمان كان دائما الخيار المحبب لاسرائيل. وكشفت الوثائق ان اسرائيل كانت بحثت فكرة تولي سليمان السلطة فيما بعد مرحلة مبارك وذلك بعد مشاورات مع الحكومة الامريكية، حسب وثائق تعود الى عام 2008.
وقالت ان سليمان يعتبر مفتاحا مهما للسياسة في الشرق الاوسط والذي اقترح حسب زعم الصحيفة مرة انه لا يعارض هو ووزير الدفاع محمد حسين طنطاوي ان تقوم اسرائيل باعادة احتلال محور فيلادلفيا ان كان هذا الاحتلال سيوقف تهريب الاسلحة.
وتظهر التقارير التي كتبها مسؤولون في السفارة الامريكية في القاهرة وتل ابيب التعاون القريب بين سليمان والولايات المتحدة واسرائيل والاهتمام الذي ابداه الدبلوماسيون الامريكيون في خلافة سليمان لمبارك. وتتحدث التقارير عن موقع مصر الحساس من ناحية محاولتها الحفاظ على مكانتها في الشرق الاوسط من جهة والاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع كل من امريكا واسرائيل. وتشير الوثائق ان سليمان اصبح بحلول عام 2008 نقطة الاتصال الرئيسية لاسرائيل مع الحكومة المصرية.
وتحدث ديفيد هاتشمان، المستشار البارز في الخارجية الاسرائيلية لشؤون الدفاع الى السفارة الامريكية قائلا ان وفدا من وزارة الدفاع الاسرائيلية بقيادة وزير الدفاع ايهود باراك زار مصر وكيف فوجئ هاتشمان بالحالة الصحية للرئيس مبارك حيث بدت عليه الشيخوخة وكان حديثه غير مفهوم وفي الوقت نفسه عبر باراك عن اعجابه الشديد بسليمان الذي يظهر اسمه في الوثائق كـ'سوليمان'. وكتبت السفارة الاسرائيلية في تل ابيت تقريرا، مؤرخا في آب (اغسطس) 2008 ان 'هاتشمان قد مدح سوليمان كثيرا، لكنه في الوقت نفسه لاحظ وجود خط هاتفي ساخن بين وزارة الدفاع الاسرائيلية والمخابرات المصرية ويتم استخدامه بشكل يومي'. واضاف التقرير ان 'هاتشمان لاحظ ان الاسرائيليين يعتقدون بتولي سوليمان حكومة مؤقتة - على الاقل - حالة رحيل مبارك او اصبح عاجزا عن قيادة الدولة'.
وقال التقرير انه 'يحيل سيناريوهات الخلافة للسفارة في القاهرة كي يتم تحليلها، لكن لا احد يجادل ان اسرائيل مرتاحة لفكرة عمر سوليمان'. وفي وثائق اخرى يلاحظ الدبلوماسيون الامريكيون ان سليمان تعرض لانتقادات حادة من الاسرائيليين بسبب العجز عن وقف تهريب الاسلحة ونقلها للجماعات الفلسطينية في غزة.
وفي احدى المرات اقترح سليمان على الاسرائيليين ارسال قوات الى الحدود المصرية، محور فيلادلفيا من اجل وقف التهريب. وقال تقرير انه في 'لحظات تعبيرهم ـ الاسرائيليين ـ عن الاحباط اقترح (وزير الدفاع المصري) طنطاوي وسوليمان ان جيش الدفاع الاسرائيلي سيتم 'الترحيب' به لاعادة احتلال محور فيلادلفيا، اذا كان الجيش الاسرائيلي يرى ان هذا سيوقف تهريب الاسلحة'. وتقول الوثائق ان سليمان كان يرى ضرورة 'عزل' حماس واعتقد ان القطاع يجب 'يشعر بالجوع ولكن ليس لحد التجويع'. وكتب الدبلوماسيون الامريكيون 'لم يعد امامنا الا وقت قليل لتحقيق السلام. ونريد ان نصحو في الصباح بدون اخبار عن اعمال ارهابية ـ تفجيرات واخبار عن الموت'.
من جهة اخرى قال مسؤول اسرائيلي بارز انه تحدث مع مبارك قبل اربعة ايام واكد ان مبارك لا زال مصراً على البقاء في منصبه حتى نهاية ولايته. وقال بنيامين بن اليعازر، وزير التجارة الاسرائيلي السابق ان مبارك قال له 'هذه ليست بيروت ولا تونس وانا متأكد من ان الامور تحت السيطرة ولا تقلق'. وقال اليعازر ان مبارك قد يترك منصبه ان وجد طريقة للخروج بكرامة وقال ان الجيش لا زال يدعمه.
وكان سليمان قد بدأ حوارات مع المعارضة يوم السبت من اجل حل الازمة السياسية في مصر ووقف عمليات الاحتجاج في مدن مصر وخاصة في ساحة التحرير. وفي نفس اليوم حصل سليمان على دعم وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ليكون رمز المرحلة القادمة من اجل تحقيق نقل للسلطة سلس بعد ان اعلن الرئيس الحالي حسني مبارك انه لن يترشح لانتخابات ايلول (سبتمبر) القادمة. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي اعلن الاسبوع الماضي عن دعمه للتغيير في مصر قد اتصل هاتفيا مع سليمان وحثه على اتخاذ خطوات واضحة وصادقة لكي يعرف العالم ان مصر بدأت خطوات حقيقية من اجل الاصلاح.
نقطة الاتصال الرئيسية
وفي هذا الاتجاه لا زال سليمان يحظى بدعم امريكي مع ان المتحدثين باسم البيت الابيض رفضوا ما قاله سليمان في لقائه مع شبكة اي بي سي الامريكية، وفي الوقت نفسه، فواشنطن لا تعرف كيفية الضغط على سليمان، خاصة ان السلطات المصرية بدأت تؤكد سيطرتها على الامور. ويضاف الى ذلك اهمية سليمان وعلاقته الوثيقة بالمؤسسة الامريكية، حيث كان نقطة اتصال مهمة مع سي اي ايه، وكان دائما يلتقي المسؤولين الامريكيين ويقدم لهم شرحا عن الوضع، حيث ثمن الامريكيون تحليلاته.
الرجل الحاد التفكير
وكما تصفه وثائق ويكيليكس التي كتبها مسؤولو السفارة في القاهرة فهو رجل 'يملك فكرا تحليليا حادا' واحيانا وصف بالمستشار الموثوق.
ووصف سليمان في تقرير اخر عام 2009 كوريث محتمل لمبارك. ودائما ما اكد سليمان للامريكيين ان مصر مبارك تعمل دائما على احتواء الارهاب وقال لمايك مولين- رئيس هيئة الاركان المشتركة اثناء زيارة الاخير للقاهرة عام 2009، 'مصر محاطة بالجماعات الراديكالية'.
واخبر سليمان مدير اف بي اي، روبرت مولر ان الاخوان المسلمين في مصر يمثلون التهديد الاخطر خاصة ان الجماعة تقوم باستغلال الدين من اجل تحشيد الرأي العام، كما قال.
الرسائل الغامضة من واشنطن ليست مفاجئة
ويبدو الموقف الامريكي محيرا، ففي حين يقول سليمان ان البلاد ليست مهيأة بعد لرفع قوانين الطوارئ او التحول الديمقراطي، ولا يرى ضرورة لاستقالة الرئيس فان امريكا في بحثها عن تحقيق استقرار في مصر تعتمد الان عليه وعلى الحكومة المؤقتة، خاصة ان واشنطن لم تجد بعد خيارا جيدا عن ما هو موجود. وبعد اسبوعين من الرسائل المتضاربة لا زالت واشنطن تبحث عن توازن في مواقفها بين دعمها الحقوق الرئيسية للمحتجين من ناحية وخوفها من اختطاف جماعات ـ اسلامية ـ لها.
وادى الموقف المتردد من واشنطن الى تشكيل رؤية بين المعتصمين في ميدان التحرير من ان امريكا باتت تفضل الاستقرار على التغيير الديمقراطي، مفضلة في هذا تحولا تدريجيا يقوده النظام الحالي. ففي الايام الاخيرة بدأت الادارة خاصة جوزيف بايدن، نائب الرئيس الامريكي والذي يعرف سليمان منذ ان كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية تطالب سليمان بوضع خطة طريق للاصلاح الديمقراطي واهم ما في المطالب الامريكية تغييرات دستورية تنهي نظام الحزب الواحد. ويعلق محللون وباحثون في التاريخ العسكري المصري ان الرسائل الغامضة من واشنطن ليست مفاجئة فهي من جهة تريد دعم القوى الديمقراطية ولكنها تقوم من جهة ثانية بدعم الجيش ومنذ 30 عاما. وقالت صحيفة 'لوس انجليس تايمز' الامريكية ان ادارة اوباما يبدو انها توصلت لنتيجة تقوم على دعم الاستقرار المترافق مع اصلاحات تدريجية كوسيلة لتطمين حلفائها في المنطقة وهو موقف يتعارض مع مطالب الجماهير التي تدعو لرحيل مبارك سريعا.
وجاء هذا الموقف على الرغم من خشية عدد من المسؤولين في الادارة من عمر سليمان المدعوم من الجيش والتزامه باصلاحات سياسية. ولكن الادارة ترى الان دول الشرق الاوسط يجب السماح لها بتحقيق التحول الديمقراطي بناء على ظروفها وبالسرعة المناسبة لها. وعليه فواشنطن يبدو انها قبلت فكرة بقاء مبارك كرئيس للدولة بصلاحيات قليلة في الوقت الذي تتواصل في المحادثات. وكانت مجموعة 'العمل من اجل مصر' وهي جماعة مؤثرة قد كتبت لاوباما تحذره من القبول بفكرة التحول الوهمي وقالت انه بدون تغيير حقيقي فالنظام سيظل في مكانه، وقال البيان ان دعم امريكا لمبارك ونائبه وتجاهل مطالب الجماهير سيكون خطأ كبيرا.
مبارك عدو الاخوان والاصلاح
وتلاحظ صحيفة 'واشنطون بوست' ان تصريحات الادارة الامريكية حول دور للاخوان في الحياة السياسية المصرية يعكس تحولا في النظرة وتحولا في فكر الاخوان المسلمين الذين يريدون الدخول في اللعبة الديمقراطية. وكان اوباما قد تحدث لشبكة فوكس نيوز قائلا ان غالبية المجتمع المصري علماني، ومع اعترافه بوجود ملامح معادية في فكر الاخوان لامريكا الا انه من الخطأ الافتراض دائما انه ليس امامنا الا خياران اما 'اخوان مسلمون او مجتمع مضطهد'. ومن جهة اخرى اظهرت تقارير اخرى كتبها الدبلوماسيون الامريكيون رفض مبارك التحول الديمقراطي لخشيته من الفوضى والاضطراب واعتقد حسب التقارير التي تعود الى 2009 الى ان تفكير مبارك يقوم على انه من الاحسن معاناة عدد من الاشخاص ـ دعاة التغيير ـ بدلا من اندلاع الفوضى في كل المجتمع. وتدافع صحف امريكية تنشر مقتطفات من التقارير عن الموقف الامريكي من الاصلاح وان الامريكيين كانوا واعين منذ البداية بمشاكل مصر وموقف مبارك، كما تظهر التقارير محدودية الدور الذي يمكن ان يلعبه الدبلوماسيون الامريكيون على بلد يعتبر حليفا مهما لامريكا. ويقول تقرير ان لا موضوع يكشف عن رأي مبارك اكثر من رده على المطالب (الامريكية) التي تدعوه الى عملية تنافس سياسي حقيقية وتخفيف سيطرة القوات الامنية. وتشير التقارير الى موقف ادارة اوباما دعوة مبارك علنا للاصلاح الداخلي وهي 'دعوات ادت لاصرار اكبر من مبارك على عدم تقبل ارائنا'.
انظروا ماذا حدث للشاه وغزة
وتشير التقارير الى ان مبارك دائما ما ذكر الامريكيين بآثار الدعوات للاصلاح في العالم الاسلامي وقال لهم ان 'ايران الشاه هي دولة دعت امريكا للاصلاح فيها لتشاهدها وهي تقع في يد الثوريين الدينيين المتطرفين' اضافة للانتخابات الفلسطينية التي حذر من عقدها عام 2006 وادت 'لجلب حماس وايران على ابوابه' مصر. ولام الامريكيين على غزو العراق مشيرا الى ان 'صدام على الاقل حافظ على وحدة البلاد'. وتصف التقارير مبارك بانه 'علماني مصري كلاسيكي يكره تدخل المتطرفين الدينيين في السياسة'. وعليه تعامل مع الاخوان المسلمين على انهم 'الاسوأ لانهم لا يهددون سلطته ولكن رؤيته للمصالح الامريكية'. وتصف التقارير رجلا لا يلتفت الى المحاباة ولكن عندما يدور الحديث ويحكي قصصا عن تجربته الطويلة فانه يظهر وجها من المرح مختلفا.
انتقال السلطة يعود للدستور
وعن موضوع الوراثة يقول تقرير ان 'العملية محكومة بالاجراءات الدستورية ويبدو انه يضع ثقته بالله والجيش والقوات الامنية المدنية لتحقيق الانتقال السلس للسلطة'. وتقول صحيفة 'واشنطن بوست' ان تقريرا يعود الى كانون الثاني- يناير- يظهر تشابه مطالب المتظاهرين اليوم بما طالبته به امريكا من قبل، فقد دعته السفارة الى رفع العمل بقوانين الطوارئ، وقانون لمكافحة الارهاب يضمن الحريات المدنية وانتخابات نزيهة لان 'انتخابات عام 2011 والانتخابات المحتملة فيه ومسألة الوراثة ستكونان في مركز النقاش السياسي'. كما الح تقرير على 'حكومة مصر من اجل توسيع المساحة المتاحة للاعبين السياسيين وفتح المجال امام تسجيل احزاب جديدة'.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق