الضربة الجوية كانت عملية محدودة من أجل هدفين في قلب سيناء.. والسادات أراد الاستفادة منها "سياسيا" وليس "عسكريا"
الإخوان يحاولون توجيه الثورة لصالحهم وهذا حق مشروع لكنه يثير القلق.. وظهور القرضاوي جعله أشبه بالخميني
الرئيس القادم يجب أن يكون بلا صلاحيات وعلى مصر التحول إلى النظام البرلماني
هيكل
في أول ظهور له على شاشة التليفزيون المصري بعد منعه من ذلك لأربعين سنة متصلة، أكد الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل أنه حضر للتليفزيون في هذا الوقت احتراما للرأي العام، مشيرا إلى أن ما حدث في ثورة 25 يناير لم يكن يتصور أنه سيجري في حياته وبالطريقة التي تم بها والتي لايمكن أن يصدقها أحد، وأشبه بمولد نجم جديد في قلب الفضاء.
وأضاف الأستاذ في حواره مع الإعلامي محمود سعد في حلقة خاصة أذيعت على التليفزيون المصري بعنوان "هيكل والثورة" أنه كان يتوقع ما حدث بصفة عامة لأن الأوضاع القائمة في مصر كان لابد أن تصل بنا إلى الانفجار خاصة وأن هناك دولة يأتي لها الفساد، بينما ماحدث في مصر أنها أصبحت دولة تؤسس للفساد، إضافة إلى وجود قبضة بوليسية غليظة.
وأفرد الأستاذ مساحة كبيرة في حديثه عما أسماه "ظل مبارك على شرم الشيخ"، قائلا بأنه آن الوقت لأن يرفع الرئيس مبارك ظله عن شرم الشيخ، داعيا مبارك أن يغادرها وليكن إلى ألمانيا حتى يفرغها من تأثيرها السلبي على ثورة 25 يناير، قائلا "لابد أن نكون كرماء مع كل الذين كبروا في السن، لكن كلنا كبرنا في السن ولدينا مرض،و موقع شرم الشيخ يستغله كثيرون، دعونا لاننسى أن الوزير الإسرائيلي بن إليعاز وصف الرئيس مبارك بأنه "كنز استراتيجي لإسرائيل".... شرم الشيخ لم تكن منتجعا.. وإنما جزء من خطة التأمين في الدولة البوليسية، ذلك لأنها مكان مفتوح يستطيع أن يخاطب الشعب منها ويسيطر عليه، كما أنها بعيد عن الكتل السكانية.. بعيدة عن تجمعات الجيش.. وعلى مقربة من القوة الأمريكية الموجودة في شمال شرم الشيخ.. بالقرب من البحر.. وتوجد فيها العديد من القوة الدولية والإقليمية الآن.. هو موقع بديع وضع عليه مبارك ظلا سياسيا".
ووصف هيكل شرم الشيخ الآن بأنه "جيب" يجب الانتهاء منه الآن، قائلا بأن التليفونات لاتكف بين القاهرة وشرم الشيخ ويجب ألا ننسى أن أحمد شفيق قال دوما بأنه تلميذ مبارك، التي أصبحت "مركز مناوئ للثورة" لاداعى له في هذا الوقت ويجب أن ينتهي.
وكشف هيكل لأول مرة أسرار جديدة عما يعرف بـ"الضربة الجوية" في حرب أكتوبر، والتي التصقت نتائجها بالرئيس السابق مبارك طوال فترة حكمها، قائلا بأن الضربة الجوية لم تكن بمثل هذا التأثير الذي تم الترويج له طوال هذه السنوات، قائلا بأن الضربة الجوية "كانت عملية محدودة صوب هدفين إسرائيلين في قلب سيناء أحدهما قاعدة عسكرية والثانية مطار حربي، وأنه كان مخططا لها في بداية خطة العبور بأن تتم عن طريق 12 طائرة فقط بوصفها عملية محدودة".
وأضاف هيكل أنه والسيدة جيهان السادات كانا شاهدين على لقاء تم بين الرئيس السادات والمشير أحمد إسماعيل وزير الحربية في سبتمبر 1973 في برج العرب قبل حرب أكتوبر بشهر واحد، وفي هذا اللقاء تحفظ المشير أحمد إسماعيل على خطة السادات بشن الضربة الجوية عن طريق 180 طائرة دفعة واحدة، قائلا بأن التجهيزات لضربة بهذا الحجم تتطلب الاستعداد لها قبل 48 ساعة من التنفيذ وهو ما قد ينبه إسرائيل إلى التحركات في الجانب المصري ويفقد جيشنا عنصر المفاجأة، وكان رد الرئيس السادات حينها أن غرضه من الضربة الجوية "سياسي" وليس "عسكريا"، موضحا أنه يريد بالهجوم بهذا العدد من الطائرات لتعويض معنوي لسلاح الطيران المصري بعدما حدث له في نكسة 1967، بما يعيد الكرامة لهذا السلاح، إضافة إلى التأثير النفسي الإيجابي الذي سيحدث مروره 180 طائرة صوب إسرائيل على الجنود المصريين المرابضين في الخنادق.
وقال هيكل أنه من العيب هذا الحديث المستمر عن الضربة الجوية، وأن لا أحد يستمد شرعيته من معركة عسكرية، وإنه إذا كان هناك حقا من هو جدير بشرعية أكتوبر فهناك كثيرون ليس من بينهم مبارك، منهم الفريق محمد على فهمي قائد سلاح الدفاع الجوي الذي أسقط في أول أيام الحرب37 طائرة إسرائيلية والفريق سعد الدين الشاذلي الذي اختار الاختفاء رغم الظلم الذي تعرض له.
وأكد هيكل أنه في الأسبوع الأول من الثورة كان متفائلا بلا حدود، ثم بدأ يستوعب ماحدث خاصة وأنه "أخطر من أن يصدق"، بعدها بدأ يتفاءل بحذر خاصة وأن لا أحد في البلد كان مستعدا للثورة بما في ذلك القوات المسلحة.
وعن الرئيس مبارك قال أنه كان يتصور أن يترك السلطة بعد أربع سنوات- ربما بقصد بعد ست سنوات كفترة رئاسية-، لأن شرعيته التي كان يحكم به مصر كان "شرعية الاطمئنان"، خاصة وأنه جاء بعد لحظة خوف عقب اغتيال الرئيس السادات، لكن مبارك أراد الأستمرار لأكثر من ذلك، وكشف الاستاذ هيكل أن مستشار الرئيس السابق د.أسامة الباز جاءه قبيل ترشيح مبارك لفترة رئاسية ثانية وطلب منه دعمه لذلك، وقال هيكل أنه وافق على ذلك وقاله في حوار لجريدة الأخبار بشرط أن تكون هذه الفترة الرئاسية الأخيرة لمبارك.. لكن ذلك لم يحدث لأن السلطة الفرعونية في مصر مغرية بالاستمرار على حد وصفه، مشيرا إلى أن مبارك كان لابد أن يدرك أن الزمن قد مضى به وبجيله كلها وأن الأكرم له هو الابتعاد عن ساحة العمل.
ووصف هيكل الثورة بأنها عملية مستمرة وليست عملية متقطعة، قائلا أن ثورة 25 يناير هي تطوير أرقى لثورة 1919 وتطوير أوسع لثورة 1952، مؤكدا بأن الثورة ليست فعل ينتهى برحيل رجل، ومن يتصور ذلك فإنه يقع في خطأ كبير جدا، وذلك لأن الثورة هي الانتقال من وضع قديم إلى وضع جديد.
وسجل هيكل عشر ملاحظات على جمعة النصر التي احتشد فيه ما يزيد على 3 مليون مصري في ميدان التحرير والمحافظات قائلا بأن بعض هذه المشاهدات أشعرته بالاطمئنان على الثورة وأخرى أشعرته بالقلق، وكان وجود الشباب والجماهير من أكثر الأشياء التي أشعرته بالأطمئنان لأن ذلك معناه أن ما قاموا بالثورة يدركون أن ثورتهم لم تنته بخروج الرئيس، إضافة إلى وجود الجيش في ميدان التحرير، لكنه على الجانب الأخر رصد محاولات بعض القوى وتحديدا الإخوان المسلمين يحاولون توجيه ما يحدث لصالحهم، وكان ظهورهم لافتا على المنصة في الاحتفالية التي تمت الجمعة في ميدان التحرير.
وتحفظ هيكل على ظهور د.يوسف القرضاوي في المشهد، قائلا بأن القرضاوي عالم جليل يجله ويحترمه، إلا أن ظهوره في هذه اللحظة بدا وكأنه محاولة للقول بأنه الخميني الذي عاد إلى إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية، ولفت هيكل إلى أنه عندما حاولت بعض القوى ترديد هتافات دينية في الاحتفالية منعهم من ذلك الجماهير المحتشدة، لكن ذلك لايعني أن هناك البعض يحاول السيطرة على المشهد الذي وصفه بأنه "موقف مفتوح" وحق مشروع للجميع أن يحاول أن يظهر فيه بشرط أن يفعل ذلك بشكل طبيعي وليس في زحام الثورة.
ووصف هيكل أحمد شفيق رئيس حكومة تسيير الأعمال بأن لديه نوايا طيبة لكنه يحاول أن "يهندس" وزارته دون أن يستطيع أن يفعل ذلك، قائلا بأنه يعرف ثلاثة مما فاتحهم شفيق للعمل في الوزارة ورفضوا لأنه "محدش عارف إيه المطلوب"، ونحن في ظرف نحتاج فيه إلى سلطة تنفيذية قادرة على مواجهة المشاكل وهذا لم يتحقق حتى الآن وهذا أمر يثير القلق.
وعن مواصفات الرئيس القادم قال هيكل أنه يريد أن يكون رئيسا بلاصلاحيات مؤيدا تحول مصر إلى دولة برلمانية وليس رئاسية قائلا بأن النظام الرئاسي يخلق الفرعون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق